والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس في فتح مكة وقال:"أني كنت أبحت لكم المتعة فإني أحرمها إلى يوم القيامة" وفي لفظ أيضاً في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم "نهى عن المتعة في فتح مكة"، وعلى هذا القول استقر قول فقهاء المسلمين من أئمة المذاهب الأربعة، وغيرهم من الفقهاء المعتد بأقوالهم، وقد روي في المسألة خلاف عن ابن عباس وعن أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم لكن الصحيح إن شاء الله أن ابن عباس رجع عن هذه الفتوى، ولو فرضنا أن ابن عباس لم يرجع عن هذه الفتوى فقوله مرجوح بلا شك ولا إشكال، لكونه يخالف الحديث الصحيح ولكونه يخالف الآثار الأخرى عن عمر وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ونكاح المتعة استقر الأمر على أنه نكاح محرم وباطل.
مسألة: نكاح المتعة الذي تحدثنا عنه هو النكاح الذي يصرح فيه العاقد اشتراط مدة، فهذا النكاح هو الذي تحدثنا عنه، وهو الذي حرمه جملة فقهاء المسلمين أو كل فقهاء المسلمين.
بقينا في مسألة: وهي ما إذا تزوج الإنسان ولم يصرح في العقد بتأقيته ولكنه نواه، وهو الذي يسمى النكاح بنية الطلاق، وهذه المسألة كانت قليلة الأهمية في السابق ولكنها أصبحت اليوم من المسائل المهمة، والتي يكثر فيها الكلام بسبب كثرة السفر، وانفتاح الناس على المفاتن والشبهات والأهواء، فكثر الكلام في هذه المسألة لهذا السبب، ونريد أن نتحدث عن هذه المسألة ولكن باختصار، ذهب الحنابلة وعلى رأسهم الإمام أحمد وقد صرح بهذا مراراً أن النكاح بنية الطلاق محرم، والعقد باطل، وإلى هذا ذهب الإمام الأوزاعي وأيضاً ابن حزم وهو الذي يفهم من تقرير العلامة ابن القيم فهؤلاء يرون أن النكاح بنية الطلاق لا يجوز واستدلوا بأدلة:
الدليل الأول: أن النكاح بنية الطلاق هو نكاح متعة تماماً، إلا أنه لم يصرح فيه بشرط التوقيت، وإلا فهو تماماً كنكاح المتعة، وقرروا هذا الدليل بأن النية في عقود النكاح كافية ولا يشترط التصريح بالشرط، بدليل أنهم يبطلون نكاح التحليل بمجرد النية ولو لم يشترط، وأي فرق بين إنسان عازم على التطليق بعد شهر إلا أنه لم يصرح ولم يشترط في العقد، وبين آخر صرح واشترط.