والقول الثالث: أنها تعطى المهر المسمى مع تنقيص ما يقابل العيب، ونعرف قدر النقص بنسبته إلى مهر المثل، فنقول الآن أنت كم سميت لها المهر؟ فيقول مائة ألف، نقول كم مهر المثل؟ فيقول مثلاً خمسين ألف، نقول مهر المثل إذا كانت برصاء كم يكون؟ فيقول خمسة وعشرين ألف فالنسبة كم خمسين بالمئة، يعني كم ستعطى من المهر المسمى؟ خمسين ألف، إذاً نعرف نسبة التنقيص من خلال المقارنة بمهر المثل، لأن المهر المسمى لا يمكن أن نقيس عليه، لأن الناس يتفاوتون وقد يعطي الإنسان المرأة أضعاف مهر مثلها، فإذاً لا نرجع للمهر المسمى وإنما نرجع إلى مهر المثل، ثم ننقص منه بهذا المقدار، وهذا القول ذكره شيخ الإسلام وقواه المرداوي وهو قول فيه إنصاف، أما إلزام الزوج بجميع المهر مع أن الفسخ كان بسبب عيب في المرأة فيه نظر، إلا أن في الحقيقة بعيداً عن الأحكام الفقهية ليس من المروءة أبداً بعد الدخول إذا أراد الفسخ أن ينقص من المهر شيء أو أن يسترجع شيء منه، يعني أقول أنا ليس من المروءة باعتبار أن الدخول والمسيس حصل، وهذا كما قلت لكم بعيد عن الفقه والحلال والحرام، وهو فقط من باب المروءات أما إذا أرادوا الحلال والحرام فالراجح إن شاء الله هو ما ذكره شيخ الإسلام.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(ويرجع به على الغار إن وجد)
الغار غالباً هو الولي، لأنه كتم عيب المرأة عن الزوج، وسبب ذلك أن المعروف والمعهود أن الذي يخبر بعيوب المرأة قبل العقد هو الولي وليست المرأة، فليس من المعهود أن تأتي المرأة وتقول للرجل أن في عيب كذا وكذا، فإذا كان الزوج هو الذي كتم فعليه المهر، فيرجع الزوج على الولي بالمهر يعطيه المرأة ثم يرجع على وليها أياً كان الولي ويأخذ المهر كاملاً، الدليل على هذا أن عمر بن الخطاب قال أيما رجل تزوج مجذومة أو برصاء ثم مسها فعليه المهر بالمسيس وله ضمانه على الولي، وهذا الأثر صحيح عن عمر أنه أوجب الرجوع رضي الله عنه على الولي.
((الآذان))
القول الثاني: أنه لا يرجع بشيء من المهر واستدلوا بدليلين:
الأول: أنه دفع هذا المهر مقابل عوض أخذه وهو الدخول والوطء.