إذا أتونا قبل عقده، يعني ارتفعوا إلينا، فإنا نعقد لهم وجوباً على ملة الإسلام، فلا بد من ولي وشهود ومهر وكل شروط وأركان النكاح الصحيح الشرعي لقوله تعالى {وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط}، والقسط هو أن يجري العقود على مقتضى الشرع، وهذا الحكم لا إشكال فيه، وهو أنهم إذا ارتفعوا إلينا نحكم على عقودهم بمقتضى الشرع.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(وإن أتونا بعده أو أسلم الزوجان)
إذا أتونا بعد أن أجروا العقد، أو أسلما بعد الدخول وإجراء العقد فإنا نقر النكاح كما هو ولا نخضعه إلى أحكام الشريعة، والسبب في هذا أن خلقاً عظيماً كثيراً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم أخضع عقودهم إلى أحكام الشرع، بل أجراها على ظاهرها واعتبرها صحيحة، وهذا الدليل دليل قطعي معلوم من السيرة بالضرورة أنه صلى الله عليه وسلم لم يخضع أنكحة الذين أسلموا من القبائل والأمم التي دخلت في دين الله لم يخضع عقودهم إلى أحكام الشرع، وهذا أمر إن شاء الله ظاهر متى ارتفعوا إلينا بعد العقد أو أسلما في وقت واحد، وحكى بعضهم الإجماع على هذا الحكم وهو ظاهر إن شاء الله.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(والمرأة تباح إذاً أقرا ... )
أي أن هذا الحكم الذي ذكرت مشروط بأن تكون المرأة تباح إذاً، يعني تباح حال إقرار العقد، فإذا كان هذا الكافر قد تزوج خالته أو عمته فإنه يجب أن نفرق بينهم، وإذا كان تزوج أخت زوجته يجب أن نفرق بينهم، القاعدة أنه يجب أن نفرق بينهم إذا كان لا يجوز أن يقر عليها، وذكر الحنابلة ضابط مريح في هذه القاعدة، أن كل نكاح لا يجوز ابتداؤه لا يجوز استدامته، فلا يجوز أن يبتدئ نكاح الخالة ولا العمة ولا المرأة على أختها ولا المطلقة ثلاثاً قبل زوج آخر وهكذا، واستدلوا على هذا بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر بأن يفرق بين كل من تزوج ذي رحم من المجوس، وهذا إن شاء الله صحيح، فإذا ارتفعوا إلينا أو أسلموا نبقيه إلا إذا كان مما لا يجوز ابتداؤه.