وحكى الإجماع أيضاً من التابعين عبد الله بن شقيق العقيلي فقال كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة
وهذا الأثر اختلف فيه صحة وضعفاً والأقرب أنه أثر ثابت صحيح إلى ابن شقيق
إذاً حكى الإجماع اثنان الأول تابعي والثاني من كبار أهل العلم وهو بن راهويه
هذه أدله الذين يرون أن تارك الصلاة كافر
وقبل أن ننتقل لقول الثاني يجب أن تلاحظ أن أدلة أصحاب هذا القول نص في المسألة تعنى بذات المسألة وليست نصوصاً عامة وإنما نصوص تتكلم عن تارك الصلاة وهذا أمر مهم جداً عند إرادة الترجيح في هذه المسالة وفي غيرها أن النص الخاص الذي تناول القضية بعينها مقدم على النص العام
القول الثاني للأئمة الثلاث أوبو حنيفة ومالك والشافعي أن تارك الصلاة لا يكفر وأن المقصود بالكفر بالنصوص كفر دون كفر
واختار هذا القول ابن حزم الظاهري - رحمه الله -
واستدلوا بأدلة
منها الدليل الأول قول النبي - صلى الله عليه وسلم - خمس صلوات فرضهن الله على العباد فمن أتى بهن فهو في ذمة الله يدخله الجنة ومن تركهن فليس في ذمة الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له
قالوا ولا يقال للكافر إن شاء عذبه وإن شاء غفر له وهذا في الحقيقة من أقوى أدلتهم لأنه نص في الصلاة خمس صلوات ولأنه نص على أن من ترك الصلاة فهو إلى رحمة الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له والكافر لا يقال فيه إن شاء عذبه وإن شاء غفر له بل هو معذب
الجواب على هذا الدليل
أن الروايات الصحيحة لهذا الحديث تبين أن المراد بالترك عدم الإتيان بهن على الكمال فالرواية الصحيحة تقول فمن جاء بهن ونقصهن فهو إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له
فالرواية الصحيحة تبين أن المراد النقص والاتيان بهن على غير الكمال وليس المراد الترك بالكلية
ولا يمكن الجواب في الحقيقة على هذا الحديث جواباً سديداً إلا من خلال هذه الروايات الصحيحة والروايات التي بينت الحديث أصح من الروايات التي فيها الترك مطلقاً