على كل حال الراجح إن شاء الله القول الثاني وهو أن يأتي بمثل المغصوب أو بقيمته، إذا كان المهر مغصوباً يأتي بمثله أو قيمته، لكن إذا كان المهر خمراً كيف يأتي بمثله؟ خل هذا الذي أشارت إليه الرواية الثالثة، لكن الإشكال الآن أن بين قيمة الخمر وقيمة الخل فرق كبير، وهي مثلاً امرأة نصرانية لا تعرف أحكام الإسلام وأصدقها خمراً باهض الثمن رضيت به مهراً، ثم تبين أنه في الشرع لا يجوز، فقال: آتي لك بدله وهو الخل، الخل أرخص بكثير من الخمر، وقد يكون الفرق بينهما كبير، ولهذا نقول إن القول الثاني أرجح لأنه أضبط، تأتي ببدله، فإن لم تتمكن لعدم وجوده أو للمانع الشرعي فتأتي بالقيمة، فنقول كم قيمة هذا الخمر ويكون هو الصداق. وهذا القول في الحقيقة فيه عدل كبير جداً، متوافق مع الشرع وفيه طمأنينة في استباح البضع، لأنها إنما رضيت بهذا القدر من المهر، وكما تعلمون قد يكون بين المهرين بون شاسع جداً، فإذا أصدقها سيارة جديدة تقدر بمائة ألف ريال وصداق مثلها عشرة آلاف ريال بين المهرين تسعين ألف ريال، فدخل عليها ضرر على مذهب الحنابلة لو قلنا لها مهر المثل، أما على هذا القول الذي ذكره شيخ الإسلام ففيه عدل، وإن شاء الله أنه أقرب لقواعد الشرع.
فصل
وإن أصدقها ألف إن كان أبوها حياً وألفين إن كان ميتاً وجب مهر المثل، قوله وجب مهر المثل يعني فسد المهر المسمى ووجب مهر المثل، هذا مقصود المؤلف، يعني فسد المهر المسمى ووجب مهر المثل والحنابلة يرون أن هذا المهر فاسداً لأنه مجهول، فإنا لا نعلم هل الأب ميت أو حي، وأخذنا أنه لا يصح أن يكون المهر مجهولاً ويجب إذا كان مجهولاً مهر المثل، فإن كان حال الأب معلوماً يعرف هل هو ميت أو حي فإنه أيضاً لا يصح أن يكون مهراً لأن تعليق المهر على موت الأب أو حياته لا ضرر فيه صحيح لا للزوجة ولا للزوج، ولا يجوز تعليق المهر على أمر ليس فيه غرض صحيح.