استدل الحنابلة على تصحيح المسمى مع جهالة الأجل بأن العرف والعادة جرت بأن المؤجل إذا لم يحد بأجل معين فحده الفرقة، والعرف دليل معتبر في الشرع، ولهذا قعد الفقهاء أن المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً.
القول الثاني: أنه إذا أجله بأجل مجهول فسد الأجل ووجب حالاً.
والقول الثالث: أنه يفسد المسمى برمته ولها مهر المثل، ولا شك أن الحنابلة قولهم أرجح وأوفق وهو الذي يدل عليه عمل الناس والأعراف السائدة، وأما إلغاء الشرط وحلول المهر ففيه مضرة ظاهرة على الزوج، ولا يأتي فيما أرى الشرع بمثله.
قال المؤلف - رحمه الله -:
(وإن أصدقها مالاً مغصوباً .. )
إن أصدقها مالاً مغصوباً أو خنزيراً ونحوه وجب مهر المثل، تقدم معنا أن قاعدة الحنابلة أنه متى فسد المسمى فالواجب مهر المثل، وأن من صور فساد المسمى أن يصدقها مالاً محرماً كالخنزير والخمر، وتقدم معنا أن القول الثاني وجوب مثله أو قيمته، وأن هذا إن شاء الله أرجح القولين وأقرب لقواعد الشرع.
قال المؤلف - رحمه الله -:
(وإن وجدت ... )
وإن وجدت المباح معيباً خيرت بين أرشه وقيمته، معنى هذه العبارة: أنه إذا أعطى الزوج زوجته مهراً معيباً فإن الزوجة تخير بين أمرين:
الأول: أن تمسك المهر المعيب، وتأخذ الأرش وهو الفرق بين قيمة المهر سليماً ومعيباً.
والخيار الثاني: أن ترد المهر وتأخذ قيمته إن كان قيمي أو مثله إن كان مثلي.
والقول الثاني: أنه ليس لها إلا أن تمسك أو ترد فقط، وهذه المسألة تقدمت معنا بعينها في خيار العيب، فما يقال هناك هو ما يقال هنا، تماماً، الخلاف هنا كالخلاف هناك، وذكرت هناك أن الراجح: أنها تخير بين الإمساك وبين الرد فقط بظاهر حديث المصراة، كذلك هنا لأن هذا العقد فيه معاوضة، يعني النكاح والمهر فيه معاوضة، فلعله إن شاء الله الأقرب هنا هو الأقرب هناك، وإن كانت المسألة أيضاً تحتاج إلى مزيد تأمل هنا وهناك لكن الأقرب إن شاء الله الآن هذا.