للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقول الثاني: أنه ليس للأب أن يزيد عن مهر المثل، لأنه يتصرف بمال ابنه بطريق الوكالة وعليه أن يراعي مصلحة الابن وليس من مصلحة الابن زيادة المهر عن مهر المثل، والصواب إن شاء الله أن للأب أن يزيد في مهر ابنه عن مهر المثل، لما في ذلك غالباً من المصلحة ويندر أن يدفع الأب أكثر من مهر المثل بغير مصلحة، ومن هنا عرفنا أن الشارع الحكيم يفرق بين أن يكون الولي هو الأب وبين أن يكون الولي سواه من الأولياء كالأخ والعم والابن، لأن الأب فيه زيادة شفقة وحرص على الابن والابنة ولذلك خوله الشارع أن يتصرف أكثر من غيره من الأولياء.

قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:

(وإن كان معسراً لم يضمنه الأب)

هذه المسألة مفروضة فيما إذا كان أهل الزوجة والزوجة يعرفون أنه معسر، فإذا كانوا يعرفون فإن الأب لا يضمن المهر، السبب في ذلك أنه ليس للأب دور سوى أن يكون وكيلاً عن ابنه، والوكيل لا يضمن الثمن كما في البيع، ولا يضمن العوض هنا في النكاح، لأنه مجرد وكيل لا يدخل ذمته شيء من الضمان.

والقول الثاني: في هذه المسألة أن الأب إذا زوج ابنه المعسر فإنه يضمن، لأن لسان الحال يقول وأنا ضامن عنه، وعلى هذا يدل العرف، أن الأب إذا زوج ابنه المعسر كأنه يقول أنا أضمن ما على ابني من مهر ونفقه. وهذا القول الثاني هو الصحيح إن شاء الله أنه يضمن ما دام زوج ابنه وهو معسر فكأنه يقول ما يجب على ابني فهو علي، وفهم من هذا التفصيل أن الابن إذا كان موسراً فإن الأب لا يضمن مطلقاً، وهذا صحيح وهو رواية واحدة عن الإمام أحمد لم يختلف فيه، أنه إذا كان موسراً فإن الأب لا يضمن ما على ابنه في حالة كونه موسراً قادراً، ولو عجز بعد ذلك مادام حين العقد موسراً فإنه لا ضمان على الأب.

انتهى الفصل الأول من باب الصداق ننتقل إلى الفصل الثاني.

قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:

(فصل وتملك الزوجة .. )

هذا الفصل خصصه المؤلف للكلام عن ملك المهر والتصرف فيه وما يتعلق بهذه المسائل.

أفادنا المؤلف أن المهر يملك بالعقد، يعني بمجرد العقد، وتعليل ذلك أن العقد موجب بذاته لملك العوض، فملكت المرأة المهر به.

<<  <  ج: ص:  >  >>