مازال الكلام عن المفوضة، يقول ومن مات منهما يعني من الزوجة أو الزوج قبل الإصابة والفرض المقصود بالإصابة الوطء والمقصود بالفرض تقدير وبيان المهر، فالحكم يقول ورثه الآخر، إذا مات أحدهما قبل التقدير والإصابة فإن الآخر يرثه بالإجماع، والسبب في ذلك أن العقد جعلها زوجة، وهو عقد كما تقدم معنا صحيح، فتدخل في النصوص الآمرة بفرض قدر من التركة للزوجة، وهذا أمر واضح لا إشكال فيه.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(ولها مهر نسائها)
أفادنا المؤلف بهذه العبارة قاعدة، وهي أن كل ما يتقرر به المهر المسمى يتقرر به مهر المفوضة، وتقدم معنا أن المسمى من جملة الأشياء التي يتقرر بها الموت، فموت أحد الزوجين في نكاح التفويض أيضاً يتقرر به المهر.
((الآذان))
هذا مذهب الحنابلة، واستدلوا بعموم حديث ابن مسعود رضي الله عنه حيث جعل الموت مقرراً للمهر، والنكاح الذي في حديث ابن مسعود مفوضة.
القول الثاني: أنه لا مهر لها مطلقاً، لأن هذا الفراق بالموت فراق بلا مسيس ولا فرض، فيقاس على الطلاق، والله تعالى يقول:{لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة} وهذه فورقت بلا مس ولا فريضة، فتقاس على الطلاق، فليس لها شيء، والجواب عن هذا الاستدلال أن قياس الموت على الطلاق قياس مع الفارق الكبير، لأن الطلاق يختلف عن الموت بأشياء كثيرة، منها أن الموت يقرر المهر في الحياة والطلاق لا يقرره، ومنها أن العدة تجب بالموت ولا تجب بالطلاق، فقياس أحدهما على الآخر قياس فيه نظر
القول الثالث: وهو رواية عن الإمام أحمد كما أن القول الأول والثاني روايات عن الإمام أحمد، أن لها نصف مهر المثل، وهذه الرواية رويت عن الإمام أحمد، لكن شيخ الإسلام ابن تيمية شن على هذه الرواية حملة بقصد أنها لا يمكن أن تثبت عن الإمام أحمد، أي يقصد إثبات عدم صحة هذه الرواية عن الإمام أحمد، وذكر أوجه كثيرة جميلة جداً في بيان ضعف نسبة هذه الرواية إلى الإمام أحمد، منها أن هذه الرواية تخالف المشهور عن الإمام أحمد، فإن أصحاب الإمام المعروفين المشهورين رووا عنه خلاف هذه الرواية،