للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنى هذا أن الواجب هو إجابة الدعوة لا الأكل، فالأكل مسنون فقط، والدليل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا دعي أحدكم فليجب فإن شاء فليأكل وإن شاء فليترك"، وهذا تخيير صريح، وهذا الحديث في صحيح مسلم، بناءً على هذا يكون الأكل مندوب مطلقاً، والتفصيل السابق الذي ذكرناه في الصائم صيام نفل يكون على سبيل الندب لا على سبيل الوجوب، أما الوجوب فقد حصل بإجابة الدعوة، وهذا يتوافق مع ما يصنعه بعض الناس اليوم من أنه يأتي إلى وليمة الزواج ثم إذا قدم الأكل خرج، هذا لا بأس فيه وقد أجاب الدعوة، ولو كان بعض الناس يرى أنه لم يجب الدعوة فرؤيته لا تتوافق مع الشرع، نقول إذا حضر ودعا وشارك ثم خرج قبل أن يأكل فقد أجاب الدعوة، لأن الأكل مندوب، نعم لا شك أن كونه يأكل أكمل في إجابة الدعوة وأطيب لخاطر الداعي لكن يبقى أن هذا الأمر بالنص النبوي مباح، لقوله إن شئت فكل وإن شئت فاترك.

القول الثاني: أن الأكل واجب لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"وإن كان مفطراً فليطعم"، وقوله فليطعم أمر صريح.

والراجح إن شاء الله القول الأول، لأنه في الحديث الذي استدل به أصحاب القول الأول التصريح بالتخيير بين الأكل وعدمه، ولهذا نحمل حديث وإن كان مفطراً فليطعم على الندب جمعاً بين الأخبار.

قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:

(وإباحته تتوقف على صريح إذن أو قرينة)

معنى هذا الكلام أنه لا يجوز للإنسان أن يأكل إلا إذا أذن له أو دلت القرائن على الإذن، وتعليل ذلك أنه لا يجوز للإنسان أن يأكل مال أخيه إلا بإذنه، قال الفقهاء والدعوة إلى الوليمة إذن، لأنه لم يدعه إلا ليطعم، وقال الفقهاء أيضاً أن تقديم الطعام إذن في الأكل، لأنه لم يقدم الطعام إلا ليطعم الناس، والأقرب أن الإذن بالأكل يرجع إلى الأعراف السائدة في كل بلد، ففي بعض البلدان تقديم الطعام إذن ويشرع الناس في الأكل، وفي بعض البلدان لا يكتفون بتقديم الطعام حتى يضيفهم الداعي ويأمرهم بالأكل، بل يعتبر من أكل قبل أن يطلب منه البدء خالف الأعراف العامة، وهذا القول الأخير هو الصحيح إنه يُرجع في الإذن للأعراف، وكما قلت لكم الأعراف تختلف اختلافاً كبيراً في هذا الأمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>