الدليل الثاني: مجموعة كبيرة من الأحاديث الدالة على تحريم الوطء في الدبر, منها قوله - صلى الله عليه وسلم - (ملعون من أتى امرأته في دبرها) ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم - (لا تأتوا النساء في أعجازهن) ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم - (إنّ الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن)، هذه النصوص أولاً جميعا لا تخلو من ضعف، كل واحد منها في اسناده ضعف لا يسلم منها حديث، لكن كثيراً من المتأخرين يصحح هذه الأحاديث معتمداً على ثلاثة أمور:
الأول: أنه جاءت من طرق متعددة.
الثاني: أنها توافق ظاهر القرآن.
الثالث: أنها توافق فتاوى الصحابة.
لكن مع ذلك ذهب كثير من الأئمة, إلى أنه لا يثبت في هذا الباب حديث صحيح, من هؤلاء الإمام البخاري، ومن هؤلاء النسائي، ومن هؤلاء الإمام ابن المنذر، نحو خمسة من الأئمة , على رأسهم البخاري والنسائي.
الأقرب والله أعلم أنه لا يثبت في الباب حديث صحيح، لأنّ هذه الأحاديث من الضعف بحيث لا يقوي بعضها بعضاً.
الدليل الثالث: صح عن الصحابة تحريم وطء المرأة في الدبر.
إذا الدليل الأول: الآية، والدليل الثاني: الأحاديث، وعلمتم كيف شأن هذه الأحاديث من حيث الثبوت وعدمه، والدليل الثالث: الآثار.
القول الثاني: أنّ وطء المرأة في الدبر جائز, وهو مروي عن اثنين الإمام مالك وقبله ابن عمر وبعضهم يرويه وينسبه للإمام الشافعي والصحيح أنّ هذا القول لا يثبت عن مالك ولا ابن عمر ولا عن الشافعي.
نبدأ بالأهم وهو ابن عمر - رضي الله عنه - روي عنه ما يوهم جواز وطء المرأة في الدبر. وعن هذه الفتوى أجوبة عن الفتوى المنقولة عن ابن عمر أجوبة:
الجواب الأول: أنّ مقصود ابن عمر بجواز وطء الدبر يعني الوطء في القبل من جهة الدبر. الوطء يكون في القبل لكن أتاها من جهة الدبر، وهذا تفسير أحد كبار تلاميذ ابن عمر وهو نافع, فإنه قال أنّ مقصود ابن عمر هذا وصح عنه هذا التفسير.
الجواب الثاني: أنه إن ثبت عن ابن عمر فهو وهم منه - رضي الله عنه - وممن ذهب إلى أنّ هذا وهم وصح عنه ابن عباس فإنه قال وهم ابن عمر.