لأنه وصل حال الطفل إلى حدّ الضرورة, بقينا في مسألة وهي أنه وإن كان للزوج الحق في منعها من إرضاع ولدها من غيره إلاّ أن هذا مكروه, أقل أحواله أنه مكروه لأنه يتنافى تماماً مع العشرة بالمعروف, لأنّ منعه زوجته من إرضاع ابنها ولو كان من غيره ليس من المعاشرة بالمعروف، لما يعلم من رغبة الأم لابنها ورغبة الابن لأمه وحاجته إليها في مثل هذا السن وهو سن الرضاعة , فلا شك أنّ أقل أحواله الكراهة, بهذا انتهينا من فصل وننتقل لفصل متعلق بالقسم.
فصل
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(وعليه أن يساوي بين زوجاته في القسم , لا في الوطء)
المؤلف يريد من هذا الفصل أن يبيّن أحكام القسم بين الزوجات, وصدر الشيخ الباب بقوله وعليه أن يساوي بين زوجاته في القسم، المساواة بين الزوجات في القسم دلت عليه النصوص بشكل واضح وهو أصل المسائل في الباب، والدليل على وجوب القسم من وجوه:
الوجه الأول: قوله تعالى: {وعاشروهن بالمعروف} [النساء/١٩] وهذا ليس من العشرة بالمعروف.
الثاني: قوله تعالى: {فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة} [النساء/١٢٩]
الدليل الثالث: قوله - صلى الله عليه وسلم - (من كان له زوجتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشِقه مائل).
الدليل الرابع: الإجماع، فإنه لا يحفظ أنّ أحداً خالف في وجوب العدل في القسم, فإذا القسم من الأمور المهمة ومن الظلم البيّن الإخلال به، وهذه نصوص تشهد بالوجوب بوضوح.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(لا في الوطء)
يعني لا يجب عليه أن يعدل في الوطء, فهو يجب عليه أن يبيت عندها, أما الوطء فلا يجب عليه أن يعدل فيه, فله أن يطأ إحداهما أكثر من الأخرى, والدليل على هذا من وجهين: الأول: الإجماع، فإنهم أجمعوا على أنه لا يجب عليه أن يعدل في الوطء.
الثاني: وهو تعليل وجيه, أنّ الوطء سببه الشهوة والميل وهذا الأمر خارج عن تصرف الرجل, فالشهوة والميل أمر نفساني لا يمكن للزوج أن يتحكم فيهما, وإذا أمرناه بالعدل في الوطء فقد ألزمناه بما لا يستطيع.