هذه العبارة تعود للمسألتين السابقتين, وهي الطلاق بغير عوض, والثانية بعوض محرم, فلما قرر المؤلف أنّ الطلاق بغير عوض أو على عوض محرم لا يصح, أراد كذلك أن يبيّن ماحكم هذا الخلع, والحكم عند الحنابلة أنه إن كان بلفظ صريح الطلاق أو بنيته, فله طلاق رجعي, وإن كان بغير لفظ صريح الطلاق ولا بنيته فهو لا شيء بناء على أنّ الحنابلة يرون أنّ الطلاق بغير عوض لا يصح.
إذاً سيكون القول الثاني بناء على تصحيح الطلاق بغير عوض سيكون حكمه في هاتين الصورتين طلاق بائن بينونة صغرى ويحسب من عدد الطلقات, إذاً الآن نرجع لمسألتنا, الشيخ يقول هنا (ويقع الطلاق رجعياً إن كان بلفظ الطلاق أو نيته) وإن كان بغير لفظ الطلاق ولا نيته فهو عند الحنابلة لاشيء بناء على أنّّ الطلاق بغير عوض لايصح عند الحنابلة, وعلى القول بأنّ الطلاق بغير عوض يصح ويكون طلاقاً بائناً يحسب من الثلاث يكون طلاقاً بائناً يحسب من الثلاث, واضح وهذا كله مفرع على قضية أنّ الخلع بلفظ صريح الطلاق أو بنيته يكون طلاقاً.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(وما صح مهرا صح الخلع به)
لإطلاق الآية {فلا جناح عليهما فيما افتدت} [البقرة/٢٢٩] فأيّ شيء تفتدي به فهو صحيح.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(ويكره بأكثر مما أعطاها)
هذه المسألة في حكم أخذ الزوج أكثر من المهر الذي بذله في العقد, فالحنابلة يرون أنه يجوز للإنسان أن يأخذ أكثر مما أعطى, لكن مع الكراهة، دليل الحنابلة على أنه يجوز مع الكراهة الجمع بين أدلة الأقوال التي ستأتي.
القول الثاني: وهو مذهب الجمهور الجواز بلا كراهة, واستدل الجمهور على الجواز بلا كراهة بأمرين:
الأمر الأول: إطلاق الآية فإنّ الله شرع الافتداء ولم يقيّد هذا الافتداء بشيء.
الثاني: أنه صح عن الصحابة جواز الخلع بكل شيء, حتى خلعت المرأة في زمن الصحابة بكل شيء حتى ما تربط به رأسها, كل شيء، كل ما تملك ومع ذلك صححه بعض الصحابة, وهو صحيح وثابت عنهم.
القول الثالث: عكس الحنابلة أو عكس الجمهور أنه لا يجوز الزيادة مطلقاً, بل لا يأخذ إلاّ ما أعطى, واستدلوا على هذا بدليلين:.
الدليل الأول: أنّ هذا مقتضى العدل, فتفتدي نفسها منه بما ملكها به أليس كذلك؟