القول الثالث: أنّ الخلع بالمجهول لا يصح, لأنّ الخلع وإن كان فيه شائبة التبرع, إلاّ أنه في الأصل معاوضة, والجهالة لا تصح في المعاوضات، يبدوا لي أنّ شيخ الإسلام يرى المذهب, والسبب في هذا أنّ الشيخ - رحمه الله - صرّح بصحة الخلع الذي فيه غرر، والغرر والجهالة شيء واحد في الفقه، هو لم يصرح فيما وقفت عليه صحة الخلع بالمجهول لكن صرّح بصحة الخلع مع وجود الغرر، فينبغي أن يصحح هذا على كل حال الراجح أنه لا يصح إلاّ أن يكون العوض معلوماً وهو القول الثالث, لأنّ تصحيح الخلع بعوض مجهول يفضي غالباً إلى الشقاق والنزاع, لاسيما وأنّ الخلع يحصل عادة مع الوفاق أو مع النزاع؟ مع النزاع فإنه يندر أن يكون الخلع مع الوفاق فغالباً ما يكون مع النزاع, فإذا زاد هذا النزاع نزاعاً آخر بسبب الجهالة استحكمت العداوة والفرقة، ولهذا نقول إن شاء الله الأصح أنه لابد أن يكون معلوماً.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(فإن خالعته على حمل شجرتها , أو أمتها , أو ما في يدها , أو بيتها من دراهم أو متاع , أو على عبد صح)
هذه المسائل هي تفريع على القاعدة أو على الضابط وهو تصحيح الخلع بالمجهول, لما صحح الخلع بالمجهول أراد أن يذكر مسائل تنبني على هذا الضابط, وذكر ثلاث نماذج من المسائل, المسألة الأولى: (إذا خالعته على حمل شجرتها أو أمتها)
المسألة الثانية: (إذا خالعته على ما في يدها أو ما في بيتها من دراهم أو متاع)
المسألة الأخيرة: (إذا خالعته على عبد وأطلقت ولم تبيّن) ففي الصور الثلاث الخلع صحيح, فإذا خالعته على حمل شجرتها أو أمتها فليس له إلاّ ما تحمل الشجرة وكذلك إذا خالعته على حمل الشاة فليس له إلاّ ما تحمل هذه الشاة, ولو حملت الشاة ومات الولد الذي في بطنها ليس له إلاّ هذا الذي في بطنها, لأنها خالعته على الذي في بطنها, كذلك إذا خالعته على ما في يدها أو ما في بيتها من الدراهم ليس له إلاّ ما في يدها وليس له إلاّ ما في بيتها, ولو كانت الدراهم أقل من ثلاث, التعليل أنها خالعته على ما في يدها وهذا ما في يدها ليس في يدها إلاّ درهم واحد, وهو رضي بأن تخالعه على ما في يدها.