تحدثت عن بدايتها وقلت أنّ هذه المسألة فيها خلاف كبير بين الصحابة ,وفيها بين أهل العلم خلاف يصل إلى ثمانية عشر قولاً. مما يدل على الاضطراب في هذه المسألة وتعارض الأدلة , أو إن شئت قل عدم وجود أدلة صريحة وإنما يوجد آثار عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وقلت أني سأذكر خمسة أقوال أرى أنها الأقوال الأقوى في هذه المسألة , وبدأت بالقول الأول" فأقول
الحنابلة ذهبوا: إلى أنه إذا قال أنت علي حرام فهو ظهار ولو نوى طلاقاً ولو نوى يميناً.
وأنّ القول الثاني: وأنّ القول الثاني وهو اختيار شيخ الإسلام - رحمه الله - وهو مذهب لبعض الفقهاء كالقول الأول إلاّ أنه إذا أراد يميناً فهو يمين , ويكون الفرق بين المذهب وبين اختيار شيخ الإسلام فيما إذا نواه يميناً. ونحن الآن نحتاج الأدلة , بالنسبة لأدلة القول الأول والثاني واحدة , فنحتاج دليل على أنه ظهار , ونحتاج دليل على أنه ليس بطلاق , ونحتاج دليل على أنه يمين أو ليس بيمين. على الخلاف.
نبدأ بالدليل الأول: أنه ظهار. أنّ هذا الرجل لما قال أنت علي حرام فقد أوقع التحريم على زوجته وهو أولى من أنت عليّ كظهر أمي لأنّ التحريم في قوله أنت عليّ كظهر أمي علمناه لأنه يلزم من هذا اللفظ.
وأما أنت عليّ حرام فهو صريح في التحريم , وما كان صريحاً في التحريم فهو أولى مما يستلزم التحريم. وهو دليل قوي جداً.
لأن أنت عليّ حرام أصرح وأكثر مباشرة من أنت عليّ كظهر أمي.
الدليل الثاني: على أنه ليس بيمين , استدل الحنابلة وشيخ الإسلام على أنه ليس بطلاق , لأنّ الظهار كان في الجاهلية طلاقاً , فكان الرجل إذا ظاهر من امرأته فكأنه طلقها , فجاء الإسلام ونسخ أن يكون الظهار طلاقاً , فإذا نوى المكلف المسلم بلفظ الظهار الطلاق فهو باطل , لأنّه نوى ما أبطله الشارع فلم نعتد بنيته. لأنها مقابلة ومعارضة للشارع.
نأتي إلى الأخير: وهو اليمين , استدل شيخ الإسلام - رحمه الله - على أنّ الإنسان إذا قال أنت علي حرام وأراد اليمين فهو يمين بتعليل قوي ,فقال أنّ من أراد اليمين لم يرد تحريم ذات زوجته , وإنما أراد منع نفسه أو حثها أو التصديق أو التكذيب , وهذا هو معنى اليمين.