والقول الثاني: أنه إذا قال أنت طالق بالأمس أعني اليوم فإنّ هذا الكلام لغو ولا يقع الطلاق , وممن نصر هذا القول الإمام الغزالي من الشافعية , فإنه تبنى هذا القول ورأى أنه قول وجيه وأقوى من القول الأول وأنّ هذا كلام لغو كيف تقول أنت طالق بالأمس ثم تقول أردت اليوم هل هذا إلاّ تلاعب ولغو من الكلام. ولا يخفى أنّ كلام الغزالي فيه وجاهة.
إلاّ أنه يعكّر عليه أنّ بعض الناس يقول أنت طالق بالأمس يريد ماذا؟ يريد تحقيق الطلاق كأنها من الأمس مطلقة, ولا يريد قضية تعليق الطلاق على الوقت الماضي , في مثل هذه الصورة ممكن يقال يقع الطلاق لأنه غاية ما هنالك أن تكون كناية والكنايات تقع مع النية ونحن نقول إنّ هذا اللفظ كناية وإذن كان فيه الصريح وهو لفظ الطلاق , لكن لما ألحق به كلمة بالأمس خرج عن مقصوده ولم يصبح دليلاً على الطلاق إلاّ مع النية وهذه حقيقة الكنايات.
ثم - قال رحمه الله - (وإن أراد بطلاق سبق منه , أو من زيد وأمكن قبل)
يعني إذا قال أنت طالق بالأمس وقصد طلاق سابق منه , أو طلاق سابق من زيد وأمكن بأن تقدم منه طلاق قُبِل, لأنّ لفظه يحتمل وإذا تكلم بما يحتمل صح منه وقُبِل.
قال - رحمه الله - (فإن مات , أو جُنَّ , أو خرس قبل بيان مرداه لم تطلق)
هذه العبارة ترجع إلى قوله أنت طالق أمس, وإلى قوله أنت طالق قبل أن أنكحك, فإذا قال هذه العبارة ولم يبيّن مراده هل يريد الوقوع حالاً الآن أو يريد فعلاً أنت طالق بالأمس , ومات أو جن أو خرس فإنّ الطلاق لا يقع , واستدلوا بدليلين:
الأول: أنّ الأصل بقاء النكاح.
الثاني: أنّ الأصل من هذه العبارة والمتبادر منها أنه أراد بالأمس, فنحن نبقى مع الظاهر من عبارته وهذا صحيح فإذا مات أو جن فزوجته باقية في النكاح.
قال - رحمه الله - (وإن قال: طالق ثلاثاً قبل قدوم زيد بشهر فقدم قبل مضيه لم تطلق)
يعني وإن قال لزوجته أنت طالق ثلاثاً قبل قبل قدوم زيد بشهر فقدم قبل مضيه لم تطلق ,