قال لا إن أذن (فيه) فيه يعود إلى الخروج كلما شاءت , فإذا أذن فيه كلما شاءت فإنه لا يحنث إذا خرجت , لأنه أذن لها في الخروج إذناً مطلقاً , فكأنه نسخ عبارته الأولى وأذن لها في الخروج مطلقاً.
المسألة الثانية: إذا قال لها لا تخرجي إلاّ بإذن زيد , أو إن خرجت بغير إذن زيد فأنت طالق , ثم مات زيد فخرجت فإنها لا تطلق لماذا؟
التعليل: أنه يتعذر إذن زيد بموته. فسقط الشرط وإلاّ لو بقي لبقيت في بيتها إلى الموت ,لأنّ إذن زيد لا يمكن الوقوف عليه بعد موته وهذا لا يتأتى إذاً نعدل إلى الثاني وهو سقوط إذن زيد وجواز الخروج.
فصل
قال - رحمه الله - (إذا علقه بمشيئتها بـ (إن) أو غيرها من الحروف لم تطلق حتى تشاء ولو تراخى)
إذا علقه بمشيئتها فقال متى شئت الطلاق فأنت طالق , فإنّ هذا التعليق يبقى أبداً لماذا؟ لأنّ ذكرنا في أول الفصل أنّ هذه الحروف تفيد التراخي أو الفور , تفيد التراخي مالم تقرن بكلمة لم , وهنا لم تقرن بكلمة لم فتفيد التراخي فيبقى هذا الحق ثابتاً لها دائماً وأبداً فمتى شاءت الطلاق في أيِّ وقت كان طلقت.
* * مسألة / هل له أن يفسخ هذا التعليق فيقول لها لو شئت الطلاق لم تطلقي , وقد فسخت التعليق السابق؟
الجواب أنه ليس له أن يفسخ هذا التعليق , لأنّا أخذنا الخلاف في التعليقات وهو أنّ التعليقات لا تفسخ عند الجماهير فإذاً لا يملك الفسخ في هذه الصورة.
قال - رحمه الله - (وإن قالت: قد شئت إن شئت , فشاء لم تطلق)
يعني قالت المرأة لزوجها قد شئتُ إن شئتَ , قال الزوج شئتُ تطلق أو لا تطلق؟ كلام المؤلف تطلق أو لا تطلق؟ لا تطلق لماذا؟
عللوه بتعليل لطيف جداً: قالوا لأنّ الطلاق معلقّ على مشيئة المرأة , والمرأة هنا لم تشاء وإنما علّقت المشيئة على مشيئة زوجها والمشيئة شيء والتعليق شيء آخر. مع أنّ المتبادر إلى الذهن أنها تطلق أليس كذلك؟
يعني رجل قال لزوجته إن شئت فأنت طالق , فقالت قد شئتُ إن شئتَ فقال الزوج قد شئتُ , فعند الحنابلة لا تطلق مع إنّ المتبادر أنها تطلق , لكن الصحيح أنها لا تطلق وما ذكروه وجيه جداً , لأنه فرق بين التعليق وبين المشيئة.
ولو استمروا هكذا لصار البيت كله شئتُ وشئتِ وانتهى الوقت.