فالمذهب كما ترون أنه لا يحنث إذا فعل بعض الذي حلف على تركه , فإذا حلف أن لا يخرج فخرج بعضه
أو أن لا يدخل فدخل بعضه , أو أن لا يشرب من هذا الإناء فشرب بعضه فإنه لا يحنث.
استدلّ الحنابلة بأدلة: -
الدليل الأول: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف ويخرج رأسه لعائشة لترجله , ولا يعتبر هذا خروجاً من المعتكف مع أنّ الخروج من المعتكف ممنوع. من مكان الاعتكاف ممنوع , ومع ذلك لم يعتبر النبي صلى الله عليه وسلم خروج رأسه خروجاً هذا أولاً.
الدليل الثاني: أنّ فعل البعض لا يتحقق معه فعل الكل وهو إنما حلف أن يترك الكل.
القول الثاني: أنه إذا فعل بعض ما حلف على تركه فإنه يحنث. واستدل هؤلاء على أنه يحنث أنّ حلفه على ترك الكل لا يتم إلاّ بتركه كله كالنهي , فالنهي مثلاً لا يتحقق امتثال النهي إلاّ بترك جميع المنهي.
والراجح مذهب الحنابلة , لحديث عائشة فإنه نص أنّ خروج البعض ليس خروجاً للكل ولا يحنث به الإنسان. عرفنا إذا الخلاف في هذه المسائل التي ذكرها المؤلف. ونحتاج قبل أن ننتقل إلى المسألة التالية إلى تنبيهين:
التنبيه الأول: أنّ محل الخلاف مالم ينو أو توجد قرينة على إرادة البعض. فإذا قال والله لا أشرب هذا الإناء وفي نيته أن لا يشرب الإناء ولا بعض الإناء حينئذ إذا شرب بعضه يحنث. هذا مثال النية
مثال القرينة إذا قال والله أشرب هذا النهر فإنه إذا شرب من النهر فإنه يحنث , والقرينة هي أنّ الإنسان لن يتمكن من شرب النهر فعلمنا أنّ مراده , أشرب من النهر هذا التنبيه الأول ,
التنبيه الثاني: قلت أنّ جميع المسائل لا يدخل داراً لا يلبس ثوباً لا يشرب ماء هذا الإناء كلها ترجع إلى ضابط واحد وذكرت الخلاف في هذا الضابط , يستثنى من هذا قول الشيخ المؤلف (لا يلبس ثوباً من غزلها فلبس ثوباً فيه منه) فإنّ بعض الحنابلة - رحمهم الله -
يرون أنّ هذه المسألة غير داخلة في الخلاف السابق , فإذا لبس ثوباً فيه من غزلها فإنه يحنث مطلقاً وإلى هذا ذهب الشيخ المجد والمرداوي فاستثنوا هذه المسألة من المسائل السابقة, والصحيح إن شاء الله أنها لا تستثنى وأنّ هذه المسألة كالمسائل السابقة والمذهب في هذا أصح