مقصوده وإن شك في عدده فطلقة وتباح له يعني إذا تيّقن الطلاق وشك في العدد , فحينئذ تعتبر طلقة واحدة , لأنّ الزائد عنها مشكوك فيه ودائماً المشكوك فيه ملغى لأنه في مقابل اليقين , فيعتبر طلقها طلقة واحدة رجعية وله أن يعود إليها إذا لم تكن الثالثة , وهذه الأحكام التي نقررها الآن تتناول الشخص العادي , أما من ابتلي بالوسواس في الطلاق فهذا له أحكام أخرى. فهذا يعذر أكثر من الشخص الطبيعي في مسألة الشك في عدد الطلاق أو الشك في وقوع الطلاق أصلاً , إذا الكلام الآن ليس عن من عنده وساوس
وشكوك وإنما عن الشخص الذي لم يبتلى بالوساوس.
قال - رحمه الله - (فإذا قال لامرأتيه: إحداكما طالق طلقت المنوية وإلاّ من قرعت)
إذا قال رجل لامرأته إحداكما طالق ,فينقسم الحكم إلى قسمين: -
القسم الأول: أن ينوي إحداهما فإذا نوى إحداهما فهي التي تطلق بلا خلاف ولا نزاع وأمرها واضح , ولو قال إحداكما لكنه بالنية عيّن المرادة.
القسم الثاني: أن لا ينوي إحداهما , يقول إحداكما طالق ولم ينوي أياًّ منهما فالحكم عند الحنابلة أن تحدد المطلقة بالقرعة.
واستدلوا على هذا بدليلين: -
الدليل الأول: أنّ القرعة طريق شرعي لتحديد الحكم الواقع على المتساويين.
الدليل الثاني: أنّ الصحابة حكموا على من طلق ومات قبل أن يعيّن أنه يقرع , فقاسوا عليها هذه المسألة ومن ظن أنّ الفتاوى المنقولة عن الصحابة هي في هذه المسألة فليس كذلك. فالفتاوى المنقولة فيمن طلق ولم يعيّن ثم مات. فهذا أفتى الصحابة بالقرعة لكن نقيس على فتاوى الصحابة صورتنا التي معنا وهي ما إذا قال إحداكما طالق ولم يعيّن.
القول الثاني: أنه إذا قال إحداكما أو إحداكن ولم يعيّن , طلق الجميع وهو قول غاية في الضعف وسببه ضعفه أنّ الزوج لم يطلق إلاّ واحدة فكيف يقع الطلاق على الباقيات.
القول الثالث: في هذه المسألة أنه يوكل إلى الزوج تحديد المطلقة ,وإن لم ينوي عند قوله الطلاق أياًّ منهما وعلل هؤلاء قولهم بأنّ الزوج إذا ملك إنشاء الطلاق ابتداء فأن يملك تعيينه انتهاء من باب أولى. لأنّ من ملك الأصل ملك الفرع. والتعيين فرع الطلاق.