القول الثاني: أنّ عدد الرضعات المحرمة ثلاث فقط وإلى هذا ذهب داود الظاهري فتكون هذه المسألة من المسائل التي اختلف من داود مع ابن حزم استدل داود - رحمه الله - بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تحرم المصة ولا المصتان ولا الإملاجة ولا الإملاجتان.
مفهوم الحديث أنّ الثلاث يحرمن.
القول الثالث: وهو منسوب للجمهور أنّ قليل الرضاع وكثيره يحرم. ولو رضعة واحدة واستدل هؤلاء بأنّ النصوص الدالة على مشروعية الرضاع عامة [وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم] ولم يذكر عددا. [يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب] ولم يذكر عددا.
والراجح المذهب لصحة الدليل الدال على اشتراط خمس رضعات , يليه في القوة الجمهور وهو أنه لا عدد والسبب في قوة القول الثالث وضعف القول الثاني أنه تقدم معنا مرارا أنّ دلالة المفهوم تضعف إذا كانت في مقابلة المنطوق, فدلالة لا تحرم المصة ولا المصتان تتعارض مع أدلة القول الأول ومع أدلة القول الثالث , مما يدل على أنّ مفهوم هذا الحديث غير مراد فالراجح إن شاء الله والأحوط هو القول الأول ولا أقول الأحوط أنّ أرجح احتياطا بل أنا أرجحه استلالا لقوة أدلته. لكن هو مع ذلك أحوط الأقوال.
مسألة / ذكر المؤلف عدد الرضعات ولم يذكر حد الرضعة , وهي أيضا مسألة مهمة اختلف الفقهاء في حد الرضعة.
فذهب الحنابلة إلى أنّ حد الرضعة هو أن يمسك الطفل بالثدي ويمصه ثم يتركه باختياره وهذا قيد مهم سواء كان تركه لينتقل إلى ثدي آخر أو ليتنفس أو لأي سبب فإنّ هذه تعتبر رضعة. وإلى هذا القول كما قلت ذهب الحنابلة واختاره شيخ الإسلام واختاره أيضا ابن حزم. الدليل استدل هؤلاء بأدلة: الدليل الأول: قوله - صلى الله عليه وسلم - لا تحرم المصة ولا المصتان. وجه الاستلال من الحديث أنّ المصة في لغة العرب هو أخذ الشيء اليسير.
الدليل الثاني: أنّ الوجور والسعوط يحرم. وقد تكون كميته يسيرة ستأتينا هذه المسألة لكن المقصود الآن الاستدلال بها.