ثم - قال رحمه الله - (ثم إن وجد من يرضعه وإلا تركت حتى تفطمه)
مقصود الحنابلة في المسألة السابقة بقوله (تسقيه اللبأ) يعني ويُنتظر إلى أن ينتهي النفاس وليس المقصود فقط أن تسقيه هذا اللبن بل تسقيه هذا اللبن وننتظر إلى أن ينتهي النفاس لأنه إن لم نفعل ذلك أيضا تضرر الطفل لأنه بحاجة ماسة إلى أمه في مدة النفاس.
إذا وضعته وسقته اللبن وانتظرنا إلى أن ينتهي النفاس نظرنا فإن وجد من يكفل الصبي فذاك وإلا فإنه ينتظر لمدة حولين.
استدل الحنابلة على هذا بأنه إذا كان الشرع يراعي الجنين وهو في بطن أمه فلأن يراعيه بعد أن يولد من باب أولى لأن الإنسان بعد الولادة يكون في الشرع محترما أكثر منه بعد الولادة بدليل أمرين:
الأمر الأول: اختلفوا في إسقاطه قبل نفخ الروح.
الدليل الثاني: أن فطرة الجنين لا تجب بينما إذا وُلد فإن فطرته تجب. وفي هذا كله ما يدل على انه بعد الولادة تعظم حرمة الإنسان.
بناء على هذا نقول يجب أن يُنتظر إذا لم يوجد من يكفل هذا لصغير.
ثم - قال رحمه الله - (ولا يقتص منها في الطرف حتى تضع)
المؤلف يريد أن يبين أنه كما ننتظر في الجناية على النفس كذلك ننتظر في الجناية فيما دون النفس. في الحالين ننتظر فننتظر المرأة الحامل إلى أن تضع.
والدليل: أن الاقتصاص من المرأة في الأطراف وهي حامل يؤثر على الجنين وربما أسقطه , بناءا عليه ينتظرونه إلى أن يولد.
وظاهر كلام المؤلف أن الاقتصاص في الأطراف يكون بعد الولادة مباشرة ولا ننتظر كما ننتظر في القصاص في النفس.
والصواب أنه كذلك في القصاص في الأطراف ننتظر إلى أن تسقيه هذا الحليب لكي لا يتضرر من تركه. فننتظر مدة النفاس. ثم نقتص منها في الطرف.
ثم - قال رحمه الله - (والحد في ذلك كالقصاص)
يعني حكم الانتظار في الحدود كحكمه في القصاص , فإن كان الحد يؤدي إلى إتلاف النفس كالرجم فحكمه حكم الاقتصاص من النفس , وإن كان الحد لا يؤدي إلى إتلاف النفس كحد الجلد فحكمه حكم الاقتصاص في الطرف ونحن أخذنا أن الحنابلة يرون انه بعد الولادة مباشرة يُقتص منها في الطرف كذلك هنا يرون أنه بعد الولادة مباشرة يُقام إليها الحد الذي لا يؤدي إلى إتلاف النفس كالجلد.