إذا أمر شخص آخر وكان المأمور مكلفا بأن يصعد إلى الشجرة أو فوق الشجرة أو ينزل في البئر فإنه إذا صار الصعود أو النزول سببا في هلاكه فإنّ الآمر لا يضمن والسبب في هذا من وجهين: الأول: القياس على الاستئجار فإنه إذا استأجر شخص شخصا وهلك المستأجر فإنه لا ضمان على المستأجِر.
الدليل الثاني: أنه ليس من الآمر جناية ولا تعدي غاية ما هنالك أنه أمره أن يصعد الشجرة وهو مكلف بالغ عاقل يعرف ما يضره فيجتنبه فلم يحصل منه تعدي فهم من كلام المؤلف انه لو كان المأمور غير مكلف صغير فإنّ الآمر يضمن لأنه بأمره للصغير في صعود الشجرة عرضه للهلاك فصار سببا في الجناية. صحيح لأنّ هذا نوع من التغرير بالصغير , ويستثنى من هذا الأوامر التي تعورف عليها اعتاد الناس عليها عرفا فإنه إذا أمر الطفل بشيء جرى العرف بأمره به فإنه إذا هلك الطفل فإنه لا يضمن أي الآمر. وإلاّ فالأصل الضمان.
قال - رحمه الله - (ولو أنّ الآمر سلطان)
حتى لو كان الآمر هو السلطان يعني الحاكم بسلطته فإنه لا يضمن والسبب في هذا هو التعليل الأول: أنه ليس من السلطان جناية ولا تعدي وإنما أمره فأطاع وهو كبير ومكلف.
والقول الثاني: أنه إذا كان الآمر هو السلطان أي الحاكم فإنّ المأمور إذا أصيب بجناية فعلى الحاكم الضمان واختار هذا القول من الحنابلة الشيخ الكبير الفقيه القاضي أبو يعلى وتعليل ذلك أنّ في أمر السلطان من حيث هو نوع من الإجبار , إذ جرت العادة أنّ السلطان لا يخالف أمره هيبة أو رغبة فصار في هذا الأمر نوع من الإجبار فضمن.
والقول الثالث: أنه يضمن أي الحاكم إن أجبره ولا يضمن إن لم يجبره , وفي الحقيقة أقرب الأقوال والله أعلم اختيار القاضي أبي يعلى والسبب في هذا أنّ الأصل في أمر الحاكم أنه غالبا ما يكون على سبيل الإلزام ويندر ويبعد ويكاد لا يوجد أن يأمر السلطان أحدا ثم لا يستمع لهذا الأمر أو ينقاد فصار في هذا نوع من الإجبار فيكون عليه الضمان , لكن هل الضمان في مال الحاكم أو في بيت المال.
الصواب أنه إن كان الأمر لقضية تتعلق بمصالح المسلمين فالضمان في بيت المال وإذا كان الأمر لشيء شخصي فالضمان في مال الحاكم