والقول الثاني: الذي يشير إليه المؤلف أنه يجب على السيد أن يدفع الأرش ولو كان أكثر من القيمة أو يبيع العبد فنلزم السيد بأحد أمرين إما أن يبيع أو يدفع الأرش. على المذهب لا يلزمونه بالبيع إذا أراد أن يدفع الأرش الذي هو يساوي قيمة البيع لا يلزمونه أن يبيع وعلى هذا القول نقول إما أن تبيع أو أن تدفع الأرش ولو كان أكثر من القيمة قد يظهر للإنسان أنّ الخلاف لا طائل تحته لأنه إذا ألزمناه وكان السعر بمقدار الأرش أو أكثر فإنّ السيد سيبعه ولن يدفع الأكثر أليس كذلك؟ لكن في الحقيقة الخلاف له أثر لأنّ السيد قد يرغب في ابقاء العبد أليس كذلك؟ وإن كانت قيمته في السوق تساوي أو أكثر من الأرش فنحن نقول أنت مخير بين أمرين على القول الراجح إما أن تبيع أو تدفع كامل الأرش ولو كان أكثر من قيمته وأنتم تعلمون الآن أنه يوجد كثير من السلع هي في لواقع أنفع من سعرها أليس كذلك؟ لو أراد الإنسان أن يبيعها لن تأتي له في السوق بسعر لكن هي مفيدة أليس كذلك؟ كذلك العبد ربما يكون مفيد لكن ليس له سعر في السوق. يبدوا لي أنّ ما ذهب إليه المؤلف وهو أنّ السيد مخير بين البيع ودفع الأرش ولو كان أكثر من القيمة هو القول الراجح. بخلاف المذهب.
يقول - رحمه الله - (أو يسلمه إلى ولي الجناية فيملكه)
إذا سلمه إلى ولي الجناية يعني سلم العبد وملكه لولي الجناية فقد برئت ذمة السيد لأنه أعطاه ما تعلق الحق برقبته فإن قال ولي الجناية لا أريد العبد بل تولى بيعه وأعطني الثمن فإنه لا يلزم السيد أن يبيع ويعطيه الثمن بل له أن يدفع العبد إلى ولي الجناية وتبرأ ذمته بذلك.
والقول الثاني: أنه ملزم أن يبيع ويعطيه الثمن. وهذا القول ضعيف في الحقيقة لأنّ السيد لم يجني وليس منه خطأ فكيف نلزمه بأن يتولى البيع ومشقة ذلك ليعطي ولي الجناية الثمن مع أنّ الحق متعلق برقبة العبد وهو دفع العبد برمته. فالراجح أنه لا يلزمه.