القول الثاني: أنّ في إذهاب عين الأعور نصف الدية فقط. لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي العين نصف الدية وهذه عين وإن كانت في أعور وهذا القول الثاني هو نوع من الجمود على النص ولهذا لم يرتضه أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - واتفقوا على وجوب الدية كاملة وهذا هو الراجح إن شاء الله.
قال - رحمه الله - (وإن قلع الأعور عين الصحيح المماثلة لعينه الصحيحة عمدا فعليه دية كاملة ولا قصاص)
هذا هو الحكم إذا قلع الأعور عين الصحيح فلا قصاص وهذا هو الأهم وعليه الدية كاملة يعني لا نصف الدية. الدليل قالوا أو لا قصاص لأنّ الصحابة حكموا بهذا.
ثانياً: لأنّ لو حصل القصاص لأخذ المجني عليه أكثر من حقه فإنه أتلف حاسة كاملة من الجاني بقي علينا دليل على مسألة وهي لماذا عليه الدية كاملة وهو لم يتلف إلاّ عين واحدة أليس كذلك؟ قالوا عليه الدية كاملة لأنه أفتدى بذلك من نفسه حاسة كاملة وهي الإبصار.
القول الثاني: أنّ المجني عليه مخير بين نصف الدية أو القصاص لقوله تعالى {والعين بالعين}[المائدة/٤٥]
ولقوله - صلى الله عليه وسلم - وفي العين نصف الدية. فهؤلاء بقوا مع النصوص على ظاهرها نقول للمجني عليه إما أن تقتص أو تأخذ نصف الدية كما في النصوص.
القول الثالث: انه ليس للمجني عليه إلاّ نصف الدية وتلاحظ أنّ الأقوال فيها طرفا وسط وأنّ الوسط هو مذهب الحنابلة فلا نقتص ولا نكتفي بمجرد نصف الدية وإنما نعفيه من القصاص لئلا تذهب حاسة البصر ومع ذلك نأخذ منه كامل الدية في الحقيقة هذا قول فيه العدل للطرفين. كما أنه مقتضى فتاوى الصحابة. وقول الشيخ - رحمه الله - وإن قلع الأعور عين الصحيح المماثلة لعينه الصحيحة.
أفادنا أنّ الأعور لو قلع عين الصحيح غير المماثلة لعينه بأن كانت عين الصحيح أقل من عينه بأن تكون عين الصحيح مريضة أو معيبة وهو يبصر بها لكنها معيبة وعين الأعور صحيحة وقوية حينئذ ليس بينهما مماثلة وحينئذ لا قصاص وله نصف الدية.