قال - رحمه الله - (فهذه الخمس لا مقدر فيها بل حكومة)
هذه الخمس جراحات أو الشجاج ليس فيها دية وإنما فيها حكومة استدل الجماهير على هذا بأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجعل فيما دون الموضحة دية واستدلوا بأنه ليس في النصوص ما يدل على وجوب الدية في هذه الشجاج وإذا لم يجب فيها دية مقدرة انتقلنا إلى الحكومة.
والقول الثاني: أنّ فيها دية خاصة ففي الأولى: بعير وفي الثانية: بعيرين والثالثة: ثلاثة. والرابعة: أربعة. ففي السمحاق كم وهي آخر المراحل أربع لأنها آخر المراحل عرفنا من هذا أنّ الأولى وهي الحارصة ليس فيها شيء إنما نبدأ من الثانية فإذا البازلة والباضعة والمتلاحمة والسمحاق هذه الأربع فيها كل واحد في الأولى: بعير. وفي الثانية: اثنين. والثالثة: ثلاث. والرابعة: أربع. والراجح الأول لأنه ليس على هذا التحديد دليل فالراجح مذهب الجماهير.
قال - رحمه الله - (وفي الموضحة: وهي ما توضح العظم وتبرزه خمسة أبعرة)
الموضحة هي التي تبدي بياض العظم سواء بدا من هذا البياض قدر كبير أو قدر يسير بالكاد يرى مادام رؤي بياض العظم فهي موضحة ديتها خمس من الإبل بالإجماع لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الموضحة خمس من الإبل. إذا الموضحة محل إجماع وليست محل إشكال وهذا في الحقيقة لو تأمل الإنسان وتأنى لوجد في هذا من عظمة التشريع شيء عظيم يعني أن يصل الشرع إلى درجة بيان مقدار الجرح كم دية الجرح الموضحة عبارة عن جرح كم دية هذا الجرح لا يوجد هذا في أي تشريع لكن هذا من دقة الله سبحانه وتعالى وعدله.
قال - رحمه الله - (ثم الهاشمة: وهي التي توضح العظم وتهشمه وفيها عشرة أبعرة)
فيها عشرة أبعرة قال وهي التي توضح العظم وتهشمه. الهشم هو الكسر فهي تصل إلى العظم وتوضحه وتكسره فيها عشر من الإبل الدليل القياس على المنقلة فإنّ المنقلة فيها عشر من الإبل بالنص فجعلوا الهاشمة مثلها.
والقول الثاني: أنّ فيها حكومة لعدم دليل خاص بها يدل على هذا التقدير وفي الحقيقة الهاشمة فيها تردد لأنها ليست كالمنقلة. المنقلة أعظم فكيف نساويها بها وهي أعظم من الموضحة فيعني الإنسان يتردد في الهاشمة وإن كان المذهب كما ترى يرون أنّ فيها عشر من الإبل.