للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقول الثاني: أنها تجب على العاقلة كقتل غير العمد لأنه قتل يجب فيه القصاص وتجب فيه الكفارة فيقاس على قتل الحر. والراجح الأول لاسيما وقد صح عن ابن عباس ولا يعلم له مخالف.

ثم - قال رحمه الله - (ولا صلحا)

قوله ولا صلحا يعني ولا تتحمل العاقلة الصلح. وصورة ذلك. ما إذا ادعي على شخص أنه قتل خطأ أو شبه عمد وأنكر ثم إنّ هذا المنكر صالح أهل الدعوة صالحهم على مال معيّن فإنّ هذا المال لا تحمله العاقلة. واستدلوا بدليلين: الأول: الأثر السابق عن ابن عباس فيه أيضا ولا صلحا , لا تحمل عمدا ولا عبدا ولا صلحا.

الدليل الثاني: أنّ هذا المال وجب عليه برضاه فإذا رضي هو به فيكون في ماله ولا تتحمل العاقلة منه شيء وصحيح أنّ هذا برضاه لأنه لو شاء لا استمر في الإنكار ولم يلزمه دية لكن لما صالحهم صار برضاه.

ثم - قال رحمه الله - (ولا اعترافا)

يعني أنّ العاقلة لا تحمل الدية إذا اعترف الجاني بأنه قتل شخصا خطأ أو شبه عمد , والسبب في هذا من وجهين: الأول: أيضا أثر ابن عباس فيه. ولا اعتراف. وهو كما تقدم صحيح.

الثاني: أنه لو ألزمنا العاقلة بتحمل الاعترافات لصار هذا بابا لفتح المواطئة بأن يواطئ أناسا على الاعتراف بالقتل الخطأ ثم يحمل العاقلة ويتقاسم بعد ذلك هو وأهل المجني عليه الدية.

الدليل الثالث: أنه حكي إجماعا وبهذا عرفنا أنّ قول المؤلف ولا تحمل عمدا ولا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا. هو نص أثر عن ابن عباس بهذا الترتيب لا تحمل عمدا ولا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا.

يقول - رحمه الله - (لم تصدقه به)

يعني أنه إذا اعترف وأقرّ بأنه قاتل خطأ أو شبه عمد وصدقته العاقلة بأنه قتل فإنه تلزم العاقلة حينئذ بدفع الدية لأنّ الشبهة ارتفعت وكأنهم يرون أنّ أثر ابن عباس ليس على إطلاقه وإنما يحمل على ما إذا لم توافق أو تقّر العاقلة اعتراف الجاني. وهذا صحيح لأنها إذا أقرّت وصدقت انتفت الشبهة وصار قتلا خطأ كسائر القتل الخطأ.

قال - رحمه الله - (ولا ما دن ثلث الدية التامة)

<<  <  ج: ص:  >  >>