للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله من قتل نفسا محرمة يشمل إذا كان القاتل من المكلفين أو من غير المكلفين. كأن يكون صغيرا أو مجنونا وإيجاب الكفارة على غير المكلف هو مذهب الحنابلة بل هو مذهب الجمهور من الفقهاء فهم يرون وجوب الكفارة في مال الصغير واستدلوا على هذا بالقياس على الزكاة فإنهم قالوا كما أنّ الزكاة واجبة في مال الصغير فكذلك تجب عليه الكفارة.

والقول الثاني: أنّ الكفارة لا تجب في مال الصغير وإلى هذا ذهب الإمام أبو حنيفة - رحمه الله - واستدل على هذا بالقياس على كفارة اليمين فإنها لا تجب على الصغير واستدل عليه أيضا بأنها عبادة والعبادات لا تطلب من الصغير وفي هذه المسألة إشكال كبير بعد التأمل لم يظهر لي أي قول من القولين ولم يترجح لاسيما رجحانا بيّنا.

ثم - قال رحمه الله - (من قتل نفسا محرمة)

النفس المحرمة إما أن تكون نفس المسلم أو نفس الذمي والمستأمن والمعاهد , أما نفس المسلم ففيها الكفارة بإجماع العلماء بلا مخالف وأما الذمي فذهب الحنابلة إلى أنّ فيه الكفارة لأنّ الله تعالى لما ذكر من بيننا وبينهم ميثاق جعل فيه كفارة.

والقول الثاني: أنه لا كفارة في قتل الذمي فإذا صدم الإنسان كافرا معاهدا أو ذمياً من أي ديانة كانت فلا كفارة لقوله تعالى {ومن قتل مؤمنا} [النساء/٩٢] وهذا ليس بمؤمن. والراجح والله أعلم مذهب الجمهور وهو الأول وجوب الكفارة لأنّ الله رتبّ الكفارة على قتل غير المسلم في الآية وهذا القول أرجح كما أنه أحوط.

ثم - قال رحمه الله - (من قتل نفسا محرمة خطأ)

تقدم معنا أنّ القتل إما أن يكون عمدا أو خطأ أو شبه عمد. أما القتل الخطأ ففيه الكفارة بالإجماع وهو المقصود الأصلي بالكفارة.

القسم الثاني: قتل شبه العمد فالقتل شبه العمد فيه خلاف فالحنابلة يرون وجوب الكفارة فيها لأنّ شبه القتل شبه العمد بالقتل الخطأ أكبر من شبهه بالعمد يدل على هذا أنه لا قصاص فيه والدية فيها على العاقلة أليس كذلك؟ فشابه بهذا القتل الخطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>