إذا ادعي على شخص أنه قاتل ولم يستطع المدعي أن يثبت وجود اللوث فليس على المدعى عليه إلاّ أن يقسم قسما واحدا ويبرأ لأنّ هذا الحكم في سائر الدعاوى ولأنّ عدم وجود اللوث يرفع وجوب تكرار الأيمان وهذا معلوم ولكن المؤلف أراد أن يقرر هذا الشيء ويبيّن أنّ التكرار يتعلق بوجود اللوث.
قال - رحمه الله - (ويبدأ بأيمان الرجال من ورثة الدم , فيحلفون خمسين يمينا فإن نكل الورثة أو كانوا نساء حلف المدعى عليه خمسين يمينا وبرىء)
ذكر المؤلف في هذين السطرين جملة من المسائل فقوله ويبدأ بأيمان الرجال.
المسألة الأولى: أنّ الذي يبدأ باليمين المدعي ثم ينقل إلى المدعى عليهم واستدل الحنابلة على هذا بأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - طلب من المدعين بدم عبد الله بن سهل أن يحلفوا.
والقول الثاني: أنه يبدأ بالمدعى عليهم لأنه في هذا الحديث في لفظ منه أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر اليهود أن يقسموا قبل أن يطلب من أهل الميت. وهذا اللفظ ضعيف ولهذا الراجح كما ذهب الحنابلة أنّ الذين يبدؤون باليمين هم أهل الميت الذين ادعوا.
قال - رحمه الله - (بأيمان الرجال)
في هذه العبارة دليل أو إشارة مسألة وهي أنّ الذي يحلف هم الرجال فقط لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - يقسم خمسون رجلا منكم فالنساء لا دخل لهم في اليمين إذا يقسم خمسون رجلا منكم.
ثم - قال رحمه الله - (من ورثة الدم)
في هذا دليل على أنّ الذين يقسمون هم الورثة فقط. ومن لا يرث لا يقسم ولا يطلب منه ولا ينفعه أن يقسم وتقسم الأيمان على الورثة بحسب ورثهم فمن يرث النصف فعليه نصف الأيمان ومن يرث السدس فعليه سدس الأيمان ومن لا يرث إلاّ هو فيقسم كل الخمسين إذا للورثة ويقسم حسب ميراثهم.
ثم - قال رحمه الله - (فيحلفون خمسين يمينا)
وفي هذا دلالة على أنّ عدد الأيمان خمسون وهذا محل إجماع أجمعوا على أنّ عدد الأيمان خمسون يمينا لقول النبي يقسم خمسون رجلا فهذه المسألة لا إشكال فيها.
قال - رحمه الله - (فإن نكل الورثة أو كانوا نساء حلف المدعى عليه خمسين يمينا وبرىء)