فالجمهور لم يشترطوا هذا الشرط فسرقة أي مال محترم ولو كان مما يسرع إليه الفساد يوجب القطع واستدلوا على هذا بعموم الأدلة.
وذهب الأحناف إلى أنه إذا سرق مالا يسرع إليه الفساد فلا قطع واستدلوا على هذا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - من أخذ من ثمر الحائط بفيه من غير أن يأخذ خبنة فلا حرج عليه ومن أخذ فإنه عليه قيمته مثلين ومن أخذ المال بعد وضع الثمر في الجرين فعليه القطع. فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قسم الثمار إلى ثلاثة , إن أخذ من الشجرة ولم يتزود فلا شيء عليه. وإن تزود وأخذ وخرج بلا إذن فعليه ضعفي قيمة ما أخذ , وإن أخذ بعد أن وضع في الجرين وهو مخزن الطعام للتيبيس فعليه القطع. فالأحناف فهموا من هذا الحديث أنه لم يقطع في الصورة الأولى والثانية بسبب أنّ الثمرة كانت رطبة يسرع إليها الفساد وقطع في الصورة الثالثة لما كان في الجرين لأنه يبس وصار لا يسرع إليه الفساد هكذا هم فهموا الحديث. والجمهور لم يفهموا الحديث كهذا الفهم وإنما قالوا إنما لم يقطع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصورة الأولى لأنه ليس من حرز وقطع في الصورة الثالثة لأنه من حرز فالمناط هو كونه في حرز أو ليس في حرز وليس المناط أن يكون يابسا أو رطبا والراجح إن شاء الله مذهب الجمهور وأنه لا يشترط في المال أن يسرع إليه الفساد بل من سرق أي مال محترم بشرطه فإنه يقطع.
ثم - قال رحمه الله - (فلا قطع بسرقة آلة لهو)
آلة اللهو من الأعيان التي لا قيمة لها شرعا فلا يقطع بسرقتها. مسألة ولو إذا كسرت صارت قيمتها تبلغ نصابا فكذلك لا قطع في سرقتها.
ثم - قال رحمه الله - (ولا محرم كالخمر)
الخمر يقاس على الخنزير عين لا قيمة لها شرعا فلا يقطع بسرقتها وإنما يعزر كما تقدم معنا.
ثم - قال رحمه الله - (ويشترط أن يكون نصابا)
ذهب الجماهير من الأئمة إلى أنه يشترط في المال المسروق أن يبلغ نصابا واستدلوا بالأدلة التي ستأتينا في تحديد النصاب وهي أدلة صريحة وواضحة.
والقول الثاني: أنه يقطع في القليل والكثير لعموم الآية والراجح مذهب الجماهير من الأئمة بلا إشكال لوضوح النصوص في تحديد نصاب معيّن لا يقطع في أقل منها.