بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
قال - رحمه الله - (وتعتبر قيمتها وقت إخراجها من الحرز)
هذا تقدم معنا وأنّ سببه أنّ الإخراج هو سبب وجوب القطع فاعتبرنا وقته وتقدم في الدرس السابق.
ثم - قال رحمه الله - مفرعا على هذا القيد (فلو ذبح فيه كبشا أو شق فيه ثوبا فنقصت قيمته عن نصاب ثم أخرجه)
هذه المسائل مفرعة أنّ الوقت الذي يعتبر فيه القيمة هو الإخراج من الحرز فإذا ذبح الكبش قبل أن يخرجه من الحرز فإنّ هذا الكبش بذبحه تنزل قيمته فإذا نزلت قيمته عن النصاب فإنه لا قطع فيه فإذا ذبحه ثم أخرجه فلا قطع قيمة الكبش بسبب الذبح قبل إخراجه كذلك إذا شق فيه ثوبا يعني في الحرز قبل أن يخرجه ونقصت قيمته عن النصاب ثم أخرجه فلا قطع للسبب ذاته وهو أنه نقصت قيمته عن النصاب ويستوي في هذا ما إذا صار النقص أو وقع النقص بفعل السارق أو بغير فعله مثل أن يسقط الشيء بلا سبب من السارق ثم تنقص قيمته ومثل أن يقوم هو بتكسير الشيء وتنقص قيمته فالصورتين لهما نفس الحكم. يستثنى من هذا ما إذا صنع هذا الصنع حيلة لأنّ الحيل لا تسقط الواجبات ولا تبيح المحرمات فإذا فعل هذا حيلة ليتخلص من القطع فإنه لا تنفعه هذه الحيلة ويقطع.
ثم انتقل الشيخ - رحمه الله - إلى الشرط الثالث من شروط وجوب إقامة حد السرقة.
فقال - رحمه الله - (وأن يخرجه من الحرز)
ذهب الحنابلة بل الأئمة الأربعة إلى أنّ الحرز شرط فإذا سرق من غير حرز فلا قطع والأئمة الأربعة بل الجماهير استدلوا على هذا بالحديث السابق فيمن أخذ من ثمر الحائط وفي آخر الحديث فإذا أواه الجرين ثم أخذ فإنه يقطع فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - القطع في صورة واحدة وهي ما إذا وصلت الثمرة إلى الجرين لأنه حرز ولم يجعل القطع فيما دون ذلك لما إذا أخذ من الشجرة وأخرجه خارج البستان أو أكل منه داخل البستان فلا قطع لعدم تحقق شرط الحرز.
والقول الثاني: أنّ السارق يقطع وإن أخرجه من غير حرز لأنه أخذ المال بغير حق والصواب مع القول الأول. بل القول الثاني فيه شذوذ والعمل على خلافه بين قضاة المسلمين على مدار الأعصار فهو شاذ في الحقيقة.
ثم - قال رحمه الله - مبيّنا الحرز (وحرز المال ما العادة حفظه فيه)
لما بيّن أنّ الحرز شرط لوجوب القطع انتقل إلى بيان ماهية الحرز. والحرز هو ما يحفظ فيه الشيء وتحديد كون المكان المأخوذ منه حرزا أو لا يرجع فيه إلى العرف والسبب في هذا أنّ الشارع لما بيّن وجوب اعتبار الحرز ولم يبيّن حد الحرز رجعنا فيه إلى العرف.