السرقة من مال الابن لا توجب القطع لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - أنت ومالك لأبيك. والشبهة فيها واضحة وهي أقوى بكثير من المسألة السابقة فإذا سرق فإنه لا يقطع لكونه سرق مالا جعل له فيه الشارع حظا وحقا. طبعا في قول ثاني أنه يقطع والغريب أنه هذا القول الثاني اختاره ابن المنذر مع أنّ ابن المنذر مع الذين يرون دفع الحدود بالشبهات ودرءها بها لكن في مثل هذه المسألة الواضحة وهي أخذ الأب من مال الابن يرى القطع وهو عجيب كيف نقطع الأب وهو له أن يتملك من مال ابنه ابتداء فربما قال الأب لم أسرق وإنما نويت التملك قبل أن آخذ أليس كذلك؟ فقطع الأب في الحقيقة فيه بعد ولولا أنّ ابن المنذر من المحققين المتأنيين في اختياراتهم لقلنا أنّ هذا قول منكر أو ضعيف جدا لأنه يخالف قواعد الشرع.
قال - رحمه الله - (والأب والأم في هذا سواء)
يريد المؤلف أن يبيّن أنّ الأم لا تنقص عن الأب في هذا الباب والسبب في هذا أنّ حق الأم على الابن أكبر من حق الأب على الابن فلا أقل من أن تساويه في درء العقوبة بالشبهة وهذا صحيح فالأم في هذا الباب كالأب ولا ينبغي أن يختلف في هذه المسألة كما اختلف في مسألة هل لها أن تتملك في مال ابنها أو لا فإنّ في هذه المسألة بر الأم يقتضي أن لا تقطع. وهذا الابن الذي يضيق على أمه إلاّ أن تسرق هو يحتاج من يعزره ويعاقبه لأنّ الأم لم تسرق إلاّ بعد أن ضيق عليها الابن.
قال - رحمه الله - (ويقطع الأخ وكل قريب بسرقة مال قريبه)
يعني أنّ سائر الأقارب بما فيهم الأخ لا يساوي الأب ولا يساوي الأم لأنّ هذه القرابة قرابة لا تمنع الشهادة فلا تقاس على قرابة الأب
الدليل الثاني: العمومات.
والقول الثاني: أنه لا يقطع لأنّ نفقة الأقارب قد تجب على المسروق منه وهذه شبهة تؤدي إلى درء الحدود. والراجح القول الأول لأنّ هذه الشبهة في الحقيقة ضعيفة.
قال - رحمه الله - (ولا يقطع أحد من الزوجين بسرقته من مال الآخر)
إلى هذا ذهب الحنابلة واستدلوا بدليلين: الدليل الأول" أنه جرت العادة أنّ كل من الزوجين يتبسط بمال الآخر وهذه العادة تؤدي إلى شبهة تمنع إقامة الحد.