الصورة الثانية" أن يخشى المعتدى عليه أن يبادر الصائل بقتله فله أيضا أن يبادر هو بقتل الصائل. والذي يظهر لي أنّ هذه الاستثناءات لا نحتاج إليها وإن كان جملة الفقهاء ذكروها والسبب في ذلك أنه عند التأمل في الأمور التي استثناها الفقهاء ستجد أنه ينطبق عليها أنه لا يمكن دفعه بالأخف فالأخف فإذا ينطبق عليها الشرط ولسنا بحاجة إلى استثناءها لكن الفقهاء - رحمهم الله - لما رأوها خارجة عن صورة الدفع بالأسهل فالأسهل جعلوها مستثناة وإلاّ هي عند التأمل لا تستثنى فمثلا الذي يخشى أن يبادر الصائل بقتله هل يستطيع أن يدفع بالأخف فالأخف لو دفع بالأخف فالأخف ذهبت نفسه فإذا هو لا يستطيع في الواقع وهكذا جميع الأمثلة التي ذكروها كمستثنيات من هذه القاعدة.
ثم يقول المؤلف - رحمه الله - (فإن لم يندفع إلاّ بالقتل فله ذلك ولا ضمان عليه)
إذا لم يمكن أن يندفع الصائل إلاّ بقتله فله أن يقتله ولا ضمان عليه ونفي الضمان يشمل القصاص والكفارة والدية , والسبب في نفي الضمان أنه فعل فعلا مأذونا له فيه شرعا وما أذن به الشارع فإنه لا يترتب عليه ضمان , وهذا صحيح بل سينتقل المؤلف إلى مرتبة أعلى
فيقول - رحمه الله - (فإن قتل فهو شهيد)
والدليل على هذا قوله - صلى الله عليه وسلم -[من قتل دون ماله فهو شهيد] هذا الحديث في البخاري لكن الحديث المشهور من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون عرضه فهو شهيد ومن قتل دون نفسه فهو شهيد. خارج الصحيح إنما الذي في الصحيح المال فقط لكنه يدل على الدفع عن النفس وعن العرض وأنّ من قتل في سبيل الدفع عنهما فهو شهيد.
ثم - قال رحمه الله - (ويلزمه الدفع عن نفسه وحرمته دون ماله)