القول الثاني: أنه يستحب ولا يجب الانتظار ثلاثة أيام فلولي الأمر أن يقتله بمجرد ما يرتد واستدلوا على هذا بأنّ أبا موسى الأشعري - رضي الله عنه - لما ذهب إلى اليمن أرسل له النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذ فلما قدم ودخل المجلس ثنى له أبو موسى الوسادة فرأى رجلا مربوطا فقال ما بال هذا قال إنه ارتد قال لا أجلس حتى يقتل فلم يجلس حتى قطعت رقبته فقالوا في هذا الحديث أنه لم ينتظر به لمدة ثلاثة أيام وإنما قتل في المجلس.
والجواب على هذا الحديث. أولا أنّ سنة عمر المؤيدة بفتاوى غيره من الصحابة وبالحديث المرسل أولى من فتوى معاذ وفتوى أبي موسى الأشعري.
ثانيا: أنه يحتمل وليس احتمالا بعيدا أنّ هذا المرتد بقي عند أبي موسى الأشعري لمدة ثلاثة أيام.
الدليل الثاني لأصحاب القول الثاني: عموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - من بدل دينه فاقتلوه. ولم يقل استتيبوه ثلاثة أيام. والراجح الأول إن شاء الله لأنّ القاعدة عند الفقهاء تقول لأن يخطئ الوالي بترك العقوبة خير من أن يخطئ بظلم المعاقب. لا نقول ينتظر ثلاثة أيام لاسيما مع هذا الأثر الصحيح الصريح من أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه -
ثم - قال رحمه الله - (وضييق عليه)
يعني أنه يجب في أثناء الثلاثة أيام أن يضييق عليه إما في المكان أو المطعم أو في المشرب أو في الجميع لقول عمر - رضي الله عنه - أطعمتموه كل يوم رغيفا. فهذا دليل على أنه يجب أن يضييق عليه ولا ينتظر بالمرتد لمدة ثلاثة أيام ويوضع في المكان المريح وإنما يوضع في مكان يحصل عليه فيه ضيق ليراجع نفسه.
ثم - قال رحمه الله - (فإن لم يسلم قتل)
لعموم النصوص السابقة لقوله - صلى الله عليه وسلم - من بدل دينه فاقتلوه ولقتل معاذ ولقتل الصحابة الذين نقلوا إلى عمر فإنّ عمر لم ينكر القتل وإنما أنكر عدم الانتظار ثلاثة أيام فقتل المرتد يشبه أن يكون متواتر.