توبة الجاحد لا تحصل إلاّ بأن يأتي بأمرين: الشهادتين وأن يقر بالذي جحد لأنه إذا لم يقر بالمجحود فإناّ لا نعلم هل رجع عنه أو لم يرجع ولهذا يجب أن يشهد ويجب أن ينطق ويقول رجعت عن جحد وجوب كذا وكذا وأنا أرى الآن أنه واجب أو رجعت عن تحريم كذا وكذا وأنا أرى الآن أنه محرم تصريحا ولا نكتفي منه أنه يقول تبت وأشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمدا رسول الله بل يجب مع الشهادتين أن يقر بما جحد أو بطريقة أخرى.
قال - رحمه الله - (أو قوله: أنا بريء من كل دين يخالف الإسلام)
يعني مع الشهادتين فالشهادتان ثابتتان لكن إما أن يقر بالمجحود أو يقول أنا بريء من كل دين يخالف دين الإسلام إلى هذا ذهب الحنابلة.
والقول الثاني أنّ الجاحد لا تقبل توبته إلاّ بالشهادتين وأن يقر ولا تقبل توبته بمجرد أن يقول أنا بريء من كل دين يخالف دين الإسلام.
والقول الثالث: أنه إن كان كفره بإنكار أصل من أصول الإسلام ظاهر فإنه يكتفى من أن يقول أنا بريء من دين يخالف دين الإسلام وإلاّ فإنه يجب أن يقر بما جحد وإلى هذا القول مال الشيخ العلامة ابن قدامة وعلل هذا بأنه يوجد من المبتدعة من الذين يكفرون ببدعتهم من يرى أنّ الإسلام هو الملة التي هو عليها فلا ينفعه أن يقول أنا بريء من كل دين يخالف دين الإسلام لأنّ دين الإسلام عنده هو ما هو عليه ولا شك أنّ هذا التنبيه من ابن قدامة جيد وأنا ما نقبل من المنكر إذا كان لم ينكر شيئا ظاهرا من الإسلام إلاّ إذا أقر واعترف بما جحده من دين الإسلام وغالب الكفر بالجحود غالبا يكون من القسم الثاني وهو إنكار شيء غير معلوم من الدين بالضرورة ولهذا الأقرب والأحسن أن يقال أنّ الكافر جحودا لا يقبل منه إلاّ بالشهادتين وأن يقر بما جحد مطلقا فنقول أقرّ بما جحدت واشهد الشهادتين ويكون هذا مقبولا منك.