الذبيحة تحل بأحد ثلاثة أمور إما ذبح أو نحر أو عقر , فأما الذبح فهو ما يكون في الحلق وأما النحر فهو ما يكون في الوهدة التي في أصل العنق بين العنق والصدر وهي تكون في الإبل , وأما العقر فهو يتناول ما لا يمكن ذبحه من الحيوانات البرية إذا توحشت أو من الحيوانات المتوحشة أصلا وسيأتينا الحديث عن هذه الأمور. وتقدم معنا أنّ الفقهاء أجمعوا على أنّ الذبح لا يحل إلاّ في هذا الموضع وهو الحلق أو الوهدة وأنه لو ذبح من البطن والرأس والفخذ فإنّ الذبيحة ميتة ولا تحل وإنما اختلف الفقهاء في أمر آخر وهو القدر الذي يجب قطعه لتحل الذبيحة فذهب الحنابلة كما ترون إلى أنه قطع الحلقوم والمريء فالحلقوم مجرى النفس والمريء مجرى الطعام والشراب ذهب الحنابلة إلى أنه لا تحل الذبيحة إلاّ بقطع الحلقوم والمريء فإذا قطعهما فإنّ الذبيحة حلال ولو لم يقطع الودجين. والودجان عرقان غليظان محيطان بالحلقوم واستدلوا على هذا بأنه إذا قطع المريء والحلقوم فقد قطع من الذبيحة ما لا تبقى معه الحياة
فأجزأ.
والقول الثاني: أنه يشترط أن يقطع الحلقوم والمريء والودجين.
والقول الثالث: أنه يجزء إذا قطع الودجين ولو لم يقطع الحلقوم والمريء.
والقول الرابع: أنّّ المجزئ قطع الحلقوم والمريء مع أحد الودجين. وهو رواية عن الإمام أحمد واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية واستدل أصحاب هذا القول بأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ما أنهر الدم فاشترط إنهار الدم وهذا لا يكون بالقطع المريء فقط ولا الحلقوم فقط بل لا بد من قطع أحد الودجين أو قطع الودجين جميعا لكي ينهر الدم من هذا العرق المحيط بالحلقوم وهذا القول الرابع الذي هو قطع الحلقوم والمريء مع أحد الودجين هو الراجح إن شاء الله فإذا قطع الحلقوم فقط ولم يقطع أيا منهما فهي ميتة وإن كان تصور هذا في الذبح بعيد جدا لأنه إذا قطع الحلقوم فبمجرد ما يجري السكين إجراء بسيطا سيأتي على العرقان المحيطان بالحلقوم المقطوع
لكن لو فرضنا أنه تعنت وتنطع وقطع الحلقوم بلا قطع الودجين فإنّ ذبيحته ميتة فلا بد من قطع أحدهما.
ثم - قال رحمه الله - (فإن أبان الرأس بالذبح لم يحرم المذبوح)