ثم - قال رحمه الله - (والنوع الثاني الجارحة , فيباح ما قتله إذا كانت معلمة)
النوع الثاني من آلات القتل الجارحة والجوارح تنقسم إلى قسمين: ما يصيد بنابه وما يصيد بمخلبه.
والجوارح يجوز الصيد بها بالإجماع واستدلوا على هذا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل. وبقوله تعالى {وما علمتم من الجوارح مكلبين}[المائدة/٤] ومعنى مكلبين يعني مغرين , والجارحة في لغة العرب أو الجارح هو الكاسب فهل الأصل أنّ الجارح هو الحيوان واشتق منه إلى كل كاسب , أو الأصل أنه الكاسب واشتق منه للجارح؟ الجواب يحتاج إلى بحث قرأت في كتب اللغة لكن ما ظهر لي من عبارتهم أيهما الأصل أيهما الاشتقاق فتحتاج توسع في البحث اشترط الفقهاء لصحة الصيد بالجوارح ثلاث شروط: الشرط الأول" أنه إذا أرسله ذهب. الثاني" أنه إذا زجره وقف. الثالث" أنه إذا صاد لم يأكل.
واستدلوا على هذه الشروط بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أرسلت كلبك المعلم. وإذا كان الكلب إذا أرسل لم يذهب فليس بمعلم واستدلوا على هذا بأنّ الحديث والآية نصت على اشتراط التعليم والتعليم يكون عند أهل الصنعة بذلك.
القول الثاني: أنه يرجع في حد التعليم وضبطه إلى العرف فما اعتبروه معلما من الجوارح فهو معلم وما لا فلا ولا نتقيد بالإرسال والزجر والأكل فالفهد مثلا إذا زجر لم يزجر عنيد لكنه يعلم على أن لا يأكل فلا يأكل فدل هذا على أنه ينبغي الرجوع بحسب كل حيوان إلى أهل الخبرة والمعرفة وهذه الشروط التي ذكرت هي الشروط التي تتعلق بما يصيد بنابه.
القسم الثاني: ما يصيد بمخلبه والشروط هي هي تماما والبحث هو هو تماما إلاّ أنه يستثنى أنه لا يشترط أن تأكل وهذا خاص بالطيور.
وعللوا هذا بأنّ الطير يصعب تعليمه على ترك الأكل ولا يمكن أن يضرب كما تضرب السباع معلوم أنه لن يضرب أليس كذلك؟ يمكن أن تضرب الصقر؟ لا يمكن ليس فيه مكان للضرب بخلاف الكلب والفهد والنمر فإنها تضرب وتتعلم بالضرب وهذا صحيح أنه لا يشترط في الطير أن لا يأكل فتحصل معنا الآن أنه يشترط هذه الشروط وهي أن يكون معلم وأنّ التعليم يحصل بما ذكرت.