ثم - قال رحمه الله - (فإذا حلف لا يبيع أو لا ينكح فعقد عقدا فاسدا لم يحنث)
تقدم معنا أنه إذا عقد عقدا فاسدا لم يحنث إلاّ أنّ بعض الفقهاء فرق بين البيع والنكاح فقال إنه يحنث في البيع ولا يحنث في النكاح فإذا نكح نكاحا فاسدا بعد أن أقسم أن لا يفعل فإنه لا يحنث وإن باع بيعا فاسدا بعد أن أقسم أن لا يفعل فإنه يحنث يعني فرقوا بين البيع والنكاح والصواب أنه لا تفريق بين العقود الشرعية. وأنّ الجميع لا يحصل به الحنث.
ثم - قال رحمه الله - (وإن قيّد يمينه بما يمنع الصحة كأن حلف لا يبيع الخمر أو الحرحنث بصورة العقد)
إذا أنشأ اليمين على عقد فاسد فإنه إذا خالف يمينه فإنه يحنث وعللوا هذا بأنه لا يتصور البر بهذه اليمين إلاّ بذلك ولا يتصور الحنث بها إلاّ بمخالفته.
والقول الثاني: أنه لا يحنث حتى في هذه الصورة لأنّ أيمان المسلمين تحمل على العقود الصحيحة ولو حلف على عقد فاسد بناء على هذا إذا قال والله لا أبيعن هذه الجارية والجارية أم ولد فهو حلف على بيع فاسد او صحيح؟ بيع فاسد على القول بتحريم بيع أمهات الأولاد فحينئذ عند الحنابلة يحنث إذا باعها وعلى القول الثاني متى يحنث؟ لا يحنث لأنه لا يمكن أن يبيعها بيعا صحيحا أليس كذلك؟
يمكن للإنسان أن يبيع البيع الفاسد بيعا صحيحا لا يمكن لو قال والله لا أبيعن الخمر كيف يحنث على القول الثاني؟ لا يحنث لأنهم يقولون انه لا يحنث لأنّ هذه اليمين لا يمكن أن يحنث بها إلاّ ببيع صحيح ولا يمكن البيع الصحيح والراجح المذهب وأنه لو باع فإنه آثم والبيع باطل ولكن عليه كفارة يمين. وانتقل إلى الحقيقي.
قال - رحمه الله - (والحقيقي: هو الذي لم يغلب مجازه على حقيقته كاللحم)
هنا ننبه لشيء أولا الحقيقي يعني اللغوي والتعبير باللغوي أوضح. ثانيا صنيع المؤلف يوهم أنّ الحقيقي يأتي في المرتبة الثانية بعد الشرعي أليس كذلك؟ والواقع أنّ الحنابلة يرون أنّ العرفي مقدم على الحقيقي وهذا مما أشرت إليه آنفا أنّ الشيخ في الحقيقة المؤلف - رحمه الله - لم يرتبها على المطلوب.