الدرس: (٢) من القضاء
قال شيخنا حفظه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
مازال الحديث في الصفات التي تشترط في القاضي وتوقفنا على شرط أن يكون حرا. ذهب الجماهير إلى اشتراط حرية القاضي وأنه لا يصح تنصيب العبد قاضيا واستدلوا على هذا بأمور:
الأمر الأول: أنه حكي إجماعا الثاني: أنّ العبد لا يقبل في بعض المواضع كشاهد فلئلا يقبل كقاضي كم باب أولى
الأمر الثالث: أنه مشغول بخدمة سيده فكيف يجلس للناس قاضيا.
والقول الثاني: أنّ الحرية ليست بشرط لأنه ليس في النصوص ما يدل على اشتراطها فلو نصب الإمام قاضيا ليس حرا صح ونفذت أحكامه وإلى هذا ذهب بعض محققي الحنابلة واختاره شيخ الإسلام وهو صحيح إن شاء الله إذ لا يوجد ما يمنع أبدا أن يكون العبد قاضيا مادام أعلم وأفقه وأعرف بالأحكام.
ثم - قال رحمه الله - (مسلما)
وتقدم معنا الكلام عن اشتراط الإسلام عند الكلام عن الشرط الأول والثاني في قوله بالغا عاقلا.
ثم - قال رحمه الله - (عدلا)
يشترط أن يكون القاضي عدل لقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا} [الحجرات/١] وإذا اشترطنا التبيّن في كلام القاضي صار القاضي غير مقبول الأحكام لأنّ كلامه غير مقبول وهذا لا يصح ولا يجوز هذا هو الدليل الأول.
الدليل الثاني: أنّ العدالة شرط في الشاهد فكيف بالقاضي ولا شك أنه يشترط أن يكون عدلا وأنّ الفاسق لا تصح توليته.
ثم - قال رحمه الله - (سميعا بصيرا متكلما)
يشترط أن يتمتع القاضي بحواسه السمع والبصر والكلام لأنه إذا لم يكن يسمع فكيف يفهم الدعوى ثم يفهم الحجج بعد ذلك فإنه لم يفهم الدعوى ولا الحجج لأنه لا يسمع يشترط أن يكون بصيرا ليفرق بين المدعي والمدعى عليه.
ويشترط أن يكون متكلما ليتمكن من بيان الحكم إذ كيف يتصور بيان الحكم للخصوم وهو لا يتكلم.
والقول الثاني: أنه يشترط سميعا متكلما ولا يشترط أن يكون بصيرا لأنّ الأعمى يتمكن من معرفة الشهود إما بسمعه وتفريقه أو بتعريفه كما يعرف الأدلة إذا كانت بغير اللغة العربية فكذلك يعرف الخصوم بقول من حضر عنده من الثقات هذا فلان وهذا فلان واستقر الأمر على رجحان القول الثاني ومازال قضاة المسلمين منهم الأعمى ومنهم البصير وقد يكون الأعمى أفقه وأقدر في إيصال الحق أحيانا إلى مستحقه لكون سمعه مرهفا يعرف الحجج ولحن القول وهذا هو الراجح.
ثم - قال رحمه الله - (مجتهدا)