إذا ادعت المرأة على الزوج مجرد النكاح فقط , فقالت فلان زوجي ولم تضف شيئا على هذا لا طلب نفقة ولا سكنى ولا غيره فإنّ الدعوى لا تسمع أصلا ولا تقبل علل الحنابلة هذا بأنّ النكاح من حقوق الزوج لا من حقوق الزوجة وليس للإنسان أن يدعي بحق لغيره بل الدعوى تكون بحق لنفسه.
والقول الثاني: أنّ دعواها صحيحة لأنّ إثبات النكاح يقتضي إثبات الحقوق المترتبة عليه من النفقة والسكنى والمهر وكل ما يترتب على العقد من حقوق للزوجة.
الدليل الثاني: أنّ هذا تماما كما لو ادعت عقد النكاح كعقد البيع فإنّ الإنسان يدعي عقدا للبيع راجيا الحصول على ما يترتب على عقد البيع سواء ادعى أنه مشتري ليأخذ السلعة. أو بائع ليأخذ الثمن. ولا شك أنّ هذا القول الثاني هو الصحيح وأنّ المذهب في هذه المسألة ضعيف وأنّ النكاح لا يتمحض حقا للرجل نعم حقه فيه غالب لكن النكاح فيه حقوق للزوج وفيه حقوق للزوجة.
ثم - قال رحمه الله - (وإن ادعى الإرث ذكر سببه)
إذا ادعى انه يرث من فلان فلا بد أن يبيّن السبب الذي استحق به الإرث لأنّ الشهادة ستكون على وفق هذا السبب وإذا لم يبيّن السبب فإنه لم نتمكن من معرفة صحة الشهادة وهذا صحيح فإذا ادعى أنه وارث فلا بد أن يقول لأنه ابن أو مولى أو والد أو يبيّن سبب الإرث مع اختلاف أسباب الإرث. وهذا بدهي لأنه لا يمكن أن يقول أحد في المحكمة أنا أرث فلان بدون أن يبيّن سبب الإرث وصلة القرابة التي بينهما.
ثم - قال رحمه الله - (وتعتبر عدالة البيّنة ظاهرا وباطنا)
أفاد المؤلف حكم مسألتين: المسألة الأولى" أنه لا بد من العدالة في البيّنة.
المسألة الثانية " أنه تشترط في هذه العدالة أن تكون عدالة ظاهرة وباطنة , أما اشتراط العدالة سيأتينا في كتاب الشهادات ما يتعلق بهذا الشرط مفصلا ودليله العام قوله تعالى {وأشهدوا ذوي عدل منكم}[البقرة/٢٨٢] فلا بد من العدالة في الشاهد. لكن المؤلف هو في الحقيقة يريد أن يتكلم عن كون البيّنة توصف بالعدالة الظاهرة والباطنة فالعدالة الظاهرة معروفة وهي أن يكون ظاهر الإنسان الابتعاد عن المحرمات وأداء الواجبات , وأما العدالة الباطنة فهي التي لا تتحقق إلاّ بأمرين: أن يكون المعدل صاحبه صحبة طويلة.