إذا جرح الخصم الشهود فإناّ لا نقبل منه بالجرح إلاّ إذا أتى ببيّنة تثبت هذا الجرح لوجهين: الأول" أنّ الناس يختلفون في الجارح فمن الناس من يعتبر الأمور السهلة من الجوارح ومن الناس من لا يعتبر الأمور الكبيرة من الجوارح فلاختلاف الناس في مقدار ما يجرح به الشاهد صار حتما على القاضي أن يسأل عن سبب وبيّنة الجرح.
الثاني: أنّا لو جعلنا كل خصم يجرح بما شاء لم يبقى للمدعين شهود وبهذا تبطل فائدة الشهادة ولا إشكال أنه إذا جرح سيطالب ببيّنة هذا الجرح.
ثم - قال رحمه الله - (وأنظر له ثلاثا إن طلبه)
يعني أنه إذا جرح الشهود ثم طلب من القاضي أن يمهله ثلاثة أيام ليتمكن من إحضار البيّنة الدالة على جرح الشهود فإنه يجاب إلى هذا الطلب والدليل من وجهين: الأول" أنّ في إلزامه بالبيّنة بأقل من ثلاثة أيام حرج وعسر فإنه قد لا يتمكن من تجميع بيّناته الدالة على جرح الشهود بأقل من ثلاثة أيام.
الثاني" أنّ هذا مروي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وهذا صحيح وثلاثة أيام فترة قصيرة لا تخل بمجريات القضية
يستثنى من هذا إذا غلب على القاضي أنّ الخصم أراد تطويل الوقت ليس إلاّ وأنه لا يملك البيّنات على الجرح وأنه مجرد افتراء فإنه لا يمهله لا فائدة من الإمهال.
ثم - قال رحمه الله - (وللمدعي ملازمته)
يعني إذا طلب الإمهال ليجرح البيّنة فإنه يجوز للمدعي أن يلازم المدعى عليه وعللوا هذا بأنّ في الملازمة ضمان في عدم ضياع حق المدعي , والملازمة هي أن يذهب معه حيث ذهب فيصلي معه ويذهب معه إلى السوق ولا يتركه إلاّ إذا دخل بيته. طبيعي أنه إذا دخل بيته لن يدخل معه لكن من حين يخرج إلى أن يرجع فهم من كلام المؤلف أنه لا يحبس وإنما يملك فقط الملازمة وهذا صحيح فإنّ المدعى عليه لا يحبس في الفترة التي طولب فيها الإمهال لأنه لم يثبت عليه حق حتى يحبس ولكن له أن يلازمه.
ثم - قال رحمه الله - (فإن لم يأتي ببيّنة حكم عليه)