يعني ويقبل في بقية الحدود والقصاص رجلان. لا يقبل في بقية الحدود عدا الزنا والقصاص إلاّ شهادة رجلين يعني ولا تقبل شهادة رجل وامرأة واستدلوا على هذا بأنّ الحدود مبنية على الدرء بالشبهات ومجرد شهادة المرأة تعتبر شبهة لأنّ المرأة معرضة للخطأ والنسيان كما قال تعالى {أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى}[البقرة/٢٨٢] فكأنّ الآية تشير إلى أنه من شأن المرأة النسيان والوهم والغلط ولأجل هذا صارت شهادة المرأة غير مقبولة في الحدود لوجود هذه الشبهة.
والقول الثاني: أنّ شهادة امرأتين مع رجل تكفي في الحدود والقصاص واستدل أصحاب هذا القول بالقياس على الأموال وقالوا أنّ ما يعرض للمرأة من وهم نسيان يجبر بالمرأة الأخرى والراجح إن شاء الله المذهب. لأنه فعلا مهما يكن الأمر لما اشترط الشارع في بعض المواضع أن يكون الشاهد من الرجال دل هذا على أنّ المرأة وإن شفعت بامرأة أخرى إلاّ أنها تبقى عرضة للخطأ والنسيان وتحكم العواطف على كل حال إن شاء الله هذا هو الراجح.
ثم - قال رحمه الله - (وما ليس بعقوبة ولا مال ولا يقصد به المال ... الخ)
هذه الأشياء التي تتسم بأنها ليست عقوبة ولا مال ولا يقصد بها المال حكمها حكم الشهادة على الحدود والقصاص فالحنابلة يرون أنه أيضا لا يقبل فيها إلاّ رجلان ولا يقبل رجل وامرأة. الدليل ليس عندهم دليل إلاّ القياس على الحدود والقصاص بجامع أنه يطلع عليه
الرجال ولا يقصد به المال وهذا صحيح يجمع بين هذه الأمور والحدود والقصاص أنه يطلع عليه الرجال ولا يقصد بها المال.