والقول الثاني في هذه المسألة: أن له أن يبدأ بالاتمام قائماً ولا يجب عليه أن يجلس ليقوم لدليلين:
الأول: - وهو أقوى الدليلين - أنه لم ينقل في حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس ثم قام.
الثاني: أن القيام من التشهد الأول مقصود لغيره لا لنفسه فإن المقصود القيام والنهوض إنما هو وسيلة إلى القيام. بدليل: أن الإنسان يصلي أحياناً جالساً. ونصر هذا القول - شيخ مشائخنا رحمه الله - الشيخ عبد الرحمن السعدي فقد انتصر له وبين أنه لا يجب على من نسي ركعتين أن يجلس ليقوم وإنما يتم ما فاته قائماً.
والأقرب والله أعلم مذهب الحنابلة. وهو الأحوط أيضاً. لأنه هذا وإن لم يذكر في الحديث فمن المعلوم أن القيام من التشهد الأول ركن من أركان الصلاة وإن كان وسيلة للقيام ولكنه أيضاً مقصود شرعاً ولو تركه عمداً لبطلت صلاته.
ومع ذلك لو أن رجلاً قال أنه نسي ركعتين ثم أتم الأخيرتين قائماً بدون أن يجلس ففي إبطال صلاته صعوبة لقوة أدلة القول الثاني. فمن فعل هذا فلا نأمره بالإعادة لكن نقول أن الأرجح أن يجلس فهو أحوط لصلاته.
• ثم قال رحمه الله:
فإن طال الفصل أو تكلم لغير مصلحتها: بطلت ككلامه في صلبها.
إذا طال الفصل فإنه لا يتمكن من أمرين:
١ - لا البناء.
٢ - ولا السجود.
أي لا يمكن أن يبني مافاته على ما أداه ولا يسجد للسهو. فإذا فرضنا أنه صلى ركعتين ثم قام ناسياً ثم تذكر بعد ساعتين أو بعد ثلاث أو بعد أربع. فنقول له: طال الفصل فلا يمكن أن ترتبط الأركان بعضها مع بعض فيجب أن تستأنف الصلاة.
والضابط في الطول والقصر: العرف الذي يضبط بحال النبي صلى الله عليه وسلم حين قام وجلس وشبك.
= والقول الثاني في هذه المسألة: أنه يبني على صلاته ويسجد ولو طال الفصل. لأنه ليس في الشرع تحديد لهذا الوقت. وهو إنما ترك الموالاة نسياناً. وتقدم معنا أن الموالاة القاعدة فيها: أنها تسقط بالنسيان. ونصر هذا القول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.
وهذا القول في الحقيقة قول قوي وليس على التحديد دليل واضح.