وفي الحقيقة أن مذهب الحنابلة في هذه المسألة من وجهة نظري غاية في الضعف وبعيد عن مقاصد الشرع من صلاة الجماعة لأنه فيه مخالفة شديدة للإمام إذا سيسجد الإمام سجدة كاملة ويبقى المأموم في السرية واقفاً وأي شيء أعظم من هذه المخالفة فهي مخالفة كبيرة جداً.
إذاً فيما أرى أن مذهب الحنابلة في هذه المسألة ضعيف جداً.
والراجح الذي تعضده الأدلة ومقاصد التشريع الخاصة بصلاة الجماعة: أنه يجب أن يتابع في السرية وفي الجهرية.
•
ثم قال رحمه الله:
ويستحب سجود الشكر.
انتهى المؤلف من الكلام عن سجود التلاوة وانتقل إلى سجود الشكر وسجود الشكر يقرن دائماً بسجود التلاوة.
في الكلام عن سجود الشكر نحتاج إلى الكلام عن مسألتين:
- المسألة الأولى: أن سجود الشكر عند الحنابلة صلاة. والخلاف الذي قيل في سجود التلاوة يأتي معنا هنا تماماً بالأدلة والأقوال والترجيح.
فلسنا بحاجة إلى أن نعيد الكلام عن مسألة: هل سجود الشكر صلاة أو ليس بصلاة لأنه تقدم نظيره في سجود التلاوة.
- المسألة الثانية: حكم سجود الشكر.
= ذهب الأئمة الأربعة والجماهير إلى أن سجود الشكر مشروع مندوب إليه في موضعه الذي سيذكره المؤلف.
واستدلوا بعدة أدلة:
- الدليل الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه كتاب علي رضي الله عنه أن أهل اليمن أسلموا سجد صلى الله عليه وسلم شكراً.
- الدليل الثاني: أن كعب رضي الله عنه في قصة الثلاثة الذين خلفوا لما جاءه البشير سجد بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم.
- الدليل الثالث: أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما وجد في الخوارج ذا الثدية سجد شكراً لله.
وهذه الآثار صحيحة. وفي الباب أحاديث وآثار لا تخلوا من ضعف لكن بمجموعها لا يشك الإنسان بأن لسجود الشكر أصل في الشرع.
= القول الثاني: أن سجود الشكر لا أصل له ولا يستحب وليس بمشروع.
دليلهم: قالوا: بأن النعم ما زالت تتجدد على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى الصحابة والسلف ولم يأت حديث صحيح فيه سجود الشكر.
والجواب عليه: أن الأحاديث والآثار مجتمعة التي ذكرها الجماهير تصلح للاحتجاج.