للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الإجابة على الدليل الأول والثاني: فهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي مسعودالبدري - رضي الله عنه - نص على التفريق بين القراءة والعلم لأن المقصود (فإن كانوا في القرءاة سواء فأعلمهم بالسنة).المقصود بالسنة يعني الفقه في الدين فغاير النبي - صلى الله عليه وسلم - بين القراءة والفقه وقدم مع ذلك القراءة.

وأما تقديم أبي بكر - رضي الله عنه - فقد أجاب عنه الإمام أحمد. قيل له: يا أبا عبد الله هل بين حديث أبي مسعود - رضي الله عنه - وحديث تقديم أبي بكر - رضي الله عنه - تعارض فقال أبو عبد الله: لا إنما قدمه لشأن الخلافة.

يعني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يشير إلى الخلافة فكأنه يشير بالإمامة الصغرى إلى الإمامة الكبرى لأن الذي يخلف النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الوقت بأمره ففيه إشارة إلى الخلافة الكبرى.

وصدق الإمام رحمه الله فيما أرى وأن جوابه قوي وسديد.

بناء على هذا إذا اجتمع فقيه يقرأ قراءة حسنة لا لحن فيها وهو حافظ وقاريء يجيد القراءة ومخارج الحروف فهو أجود قراءة فعند الحنابلة وهو الصحيح نقدم الأقرأ ويتأخر الفقيه.

وعلى القول الثاني نقدم الفقيه.

• ثم قال رحمه الله:

العلم فقه صلاته.

أي أنه يشترط لتقديم الأقرأ أن يكون عالماً بالقدر الواجب من أحكام الصلاة.

بناء على هذا إذا جاءنا بعض القراء الذين لم يدرسوا من الفقه شيئاً لا أحكام الصلاة ولا أحكام السهو ولا أي قدر من ذلك - ولا شأن لنا بباقي الأحكام كالزكاة والصيام وغيرها - فالكلام عن أحكام الصلاة - فإنه لا يقدم ولا عند الحنابلة.

وهل يتصور هذا أن يكون قارئاً مجوداً حافظاً لم يلم بالقدر الواجب أو المجزيء من أحكام الصلاة؟

نعم يتصور وقد وجد من لا يفقه في دينه شيء مع حفظه للقرآن وقراءةٍ مجودة.

• ثم قال رحمه الله:

ثم الأفقه.

الأفقه هو العالم بأحكام الصلاة علماً محرراً ويشترط في تقديم الأفقه نظير ما يشترط في تقديم الأقرأ وهو أن يكون عالماً بجزءٍ لا ينقص عنه الإنسان في الصلاة يعني حافظاً ومتقناً للقراءة بالقدر الواجب الذي لا ينقص عنه من يريد أن يصلي.

وهل يتصور أن يأتي فقيه عالم لا يحسن القراءة؟

<<  <  ج: ص:  >  >>