لقول الله تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} فجعل مناط الكرم والتفضل والتقدم التقوى لا النسب.
وليس في السنة حرف واحد يدل على تقديم من كان أقرب نسباً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المناصب الدينية - إن صح التعبير - الإمامة والأذان وما شابه ذلك.
وهذا القول اختاره شيخ الاسلام وهو قول وجيه وقوي جداً وليس لتقديم النسب أي معنا في الحقيقة ولو كان من سلالة الحسن أو الحسين.
مع أنا نقول - وهذا مفروغ منه لا يحتاج إلى تنبيه - أنا نحب أهل البيت ونقدمهم ونعرف حقهم ونؤدي إليهم ما يجب علينا لكن هذا شيء والتقديم بالإمامة شيء آخر فنحن نطيع الله ورسوله حيث رتبا الإمامة في حديث أبي مسعود - رضي الله عنه - بترتيب لا نخرج عنه إلى غيره.
إذاً الأتقى يقدم على الأشرف بل أكثر من ذلك الشرف ليس له علاقو بتقديم ولا تأخير الإمامة.
والإجابة على الحديث: يمكن أن نجيب أن الحديث ضعيف عند بعض أهل العلم وممن أشار إلى ضعفه البيهقي لكن في الحقيقة شواهده كثيرة وإسناد الحديث المرسل صحيح إلى مرسله وفيه قوة.
والثاني: أن هذا في الإمامة الكبرى لا في الإمامة الصغرى لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل ترتيباً خاصاً في الإمامة الصغرى وهو: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ... الخ.
• ثم قال رحمه الله:
ثم الأتقى.
أي إذا استووا في جميع ما تقدم فإننا نقدم الأتقى.
والدليل ما سبق {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}. تقدم معنا أن الراجح تقديم الأورع على الأشرف.
• ثم قال رحمه الله:
ثم من قرع.
أي إذا استووا في جميع الصفات السابقة فإن الإمام أو أهل الحي يقرعون بين المتساويين.
الدليل على ذلك:
قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لا ستهموا.
وسعد رضي الله عنه في القادسية تنازع الناس الأذان فأقرع بينهم.
ولقاعدة مشهورة أنه إذا تساوى الإثنان في الاستحقاق فالترجيح بينهما يكون بالقرعة.
= والقول الثاني: أنه في حال التساوي يرجح من يرغب به جماعة المسجد فإذا رغبوا بأحدهما مع التساوي في جميع الصفات قدما لرغبة الجماعة به.