- يحمل حديث عائشة رضي الله عنها على من ابتدأ الصلاة قائماً ثم اعتل وجلس.
- ويحمل حديث أنس - رضي الله عنه - وحديث عائشة الآخر على ما إذا ابتدأ الإمام الصلاة جالساً.
وهذا الجمع مقدم على النسخ الذي ذهب إليه أصحاب القول الأول - أي نسخ الوجوب - وستأخذون في أصول الفقه في مبحث مهم جداً لطالب العلم وهو تعارض الأدلة: أن مرحلة الجمع تسبق مرحلة النسخ.
إذاً قوله: (ندباً) الصواب أنه وجوباً.
• ثم قال رحمه الله:
فإن ابتدأ بهم قائماً ثم اعتل فجلس: أتموا خلفه قياماً وجوباً.
إذا بدأ الإمام الصلاة قائماً ثم جلس في أثناء الصلاة فإن المأمومين يصلون خلفه قياماً وكما قال المؤلف رحمه الله: (وجوباً).
ولا أظن أن في هذه المسألة خلاف.
والدليل: حديث عائشة رضي الله عنها فإنهم رضي الله عنهم صلوا خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - قياماً.
وقد تقرر أن مخالفة الإمام الفعلية محرمة لقوله: (إنما جعل الإمام ليؤتم به). ولقوله - في بعض الألفاظ - (فلا تختلفوا عليه).
فهذا دليل على أن مخالفة الإمام محرمة ومع ذلك خالفوا الإمام مما يدل على أن القيام واجب أي أنهم تركوا المحرم للإتيان بما هو أجوب منه وهو القيام.
على كل حال لا إشكال أنه إذا ابتدأ بهم قائماً ثم جلس أنهم يصلون قياماً.
عرفنا الآن أن قوله: (ويصلون وراءه جلوساً ندباً) لا يمكن أن يعم الصورتين فيما إذا ابتدأ الصلاة قائماً ثم جلس وفيما إذا ابتدأ الصلاة جالساً وإنما تحمل العبارة الأولى على ما إذا ابتدأ الصلاة جالساً.
•
ثم قال رحمه الله:
وتصح خلف: من به سلس البول بمثله.,
المقصود بمن به سلس البول: من يستمر خروج البول ولا يستمسك بالإرادة.
ومقصود الحنابلة بقولهم من به سلس البول: كل من حدثه دائم. أي: أن هذا الحكم لا يختص بمن به سلس البول بل يعم كل من حدثه دائم.
حكم من حدثه دائم: أنه يجوز أن يصلي بمثله ولا يجوز أن يصلي بغيره - أي بغير من به سلس البول.
- أما لماذا يجوز أن يصلي بمثله؟ فسبق معنا التعليل وهو: لتساويهما في الحال.
- وأما لماذا لا يصلي بغيره؟ لأن هذا الشخص يخرج منه الحدث المبطل للطهارة وعفي عنه للعذر فلا يصلي بمن استكمل الشروط.