والدليل الثاني: التعليل: أن المقصود من الجماعة الائتلاف والاجتماع وصلاته بهم وهم يكرهونه يناقض هذا المعنى.
• ثم قال رحمه الله:
وتصح إمامة: ولد الزنا والجندي إذا سلم دينهما.
ولد الزنا هو الولد المولود لغير أبوين شرعيين.
فإمامة ولد الزنا صحيحة.
وعليه: لماذا ذكرها المؤلف رحمه الله؟
لأن بعض الفقهاء كرهها.
ودليل عدم الكراهة: قول عائشة رضي الله عنها ليس عليه من وزر أبويه شيء.
وعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (يؤم القوم أقرؤهم) ولم يخص هل هو ولد زنا أو ولد شرعي.
قال: (والجندي).
الجندي أيضاً تصح إمامته بلا كراهة لعموم: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله).
وإنما ذكر الجندي بالذات لأنه عند الفقهاء وأهل التواريخ يغلب على الجندي وقوع الظلم والاعتداء فيصير بذلك فاسقاً فتكره الصلاة خلفه.
فهذا السبب الذي جعلهم يذكرون الجندي.
لكن في الحقيقة تعليق هذا الوصف بكلمة الجندي غير دقيق مطلقاً بل قد أقول أنه فيه ظلم لجنس الجنود.
لماذا؟
لأنه ليس من المناسب أن تعلق وصف باسم ينضوي تحته أنواع كثيرة.
فمن الجنود من هو على خير واستقامة وتدين وعدم ظلم والقيام بحقوق الله وحقوق الخلق.
ومنهم من هو ظالم لنفسه.
كما أن الأطباء فيهم من هو كذلك والمهندسون فيهم من هو كذلك.
فإذاً يجب أن نعلق الوصف بالوصف الشرعي فنقول الفاسق والمعتدي تكره الصلاة خلفه.
وعلى كل حال الحنابلة لا يرون أن الصلاة خلف الجندي مكروهة لكن نقول من رأى أنها مكروهة وهو الذي احتاط عنه المؤلف فتعليقه بهذا الوصف فيه بعد.
المهم أن الصلاة خلف الجندي لا تكره.
• ثم قال رحمه الله:
ومن يؤدي الصلاة بمن يقضيها.
تصح صلاة من يؤدي الصلاة خلف من يقضيها وهنا نأتي إلى مسألة تحديد مراد الفقهاء.
فمراد المؤلف هنا: إذا اتحدت الصلاة بأن تكون الصلاتين كلاهما ظهراً أو عصراً المؤداة والمقضية.
فإذا جاء رجل وأراد أن يصلي ظهر أمس لأنه تركها نسياناً فسيؤديها قضاء ثم جاء آخر ويريد أن يصلي صلاة ظهر اليوم فاقتدائه بمن يصلي صلاة الظهر أمس قضاء صحيح بلا كراهة.
وهذا معنى قوله وتصح إمامة من يؤدي الصلاة بمن يقضيها.