قال شيخنا حفظه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
هذه المسألة وهي: ترتيب الأجناس الثلاثة الرجال والنساء والصبيان إذا اجتمعوا تقدم أني ذكرت (فيها) القول الأول وبينت تقسيم الحنابلة وغير الحنابلة لهم.
وهو على وجه الإجمال والإيجاز وتقدم:
أنه: إما أن يحضروا جميعاً - أي الرجال والنساء والصبيان -.
أو يحضروا متفاوتين.
فإن حضروا جميعاً في وقت واحد فالترتيب كما قال المؤلف: يكون الرجال في المقدمة ويليهم الصبيان ثم يليهم النساء.
واستدلوا على هذا:
- بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ليليني منكم أولوا الأحلام والنهى).
- ولأنه لو عرض للإمام عارض فإن وجود الرجال العارفين بالأحكام خلفه أدعى لتكميل النقص.
والقسم الثاني: إذا حضر الصبيان قبل الرجال:
= فعند الحنابلة أيضاً يقدم الرجال ويؤخر الصبيان - أي: يرجعون من مكانهم في الصف الأول إلى الصف الثاني - وهذا هو مذهب الحنابلة.
وتقدم معنا أنهم استدلوا بدليلين:
الدليل السابق: وهو عموم (ليليني منكم) وهذا يشمل ما إذا حضر الرجال أولاً أو حضر الصبيان أولاً.
واستدلوا أيضاً بأن أبي بن كعب - رضي الله عنه - حضر متأخراً ونظر في وجوه الصف الأول فرأى صبياً فأخره وقال: عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلينا أن يليه الكبار أو أولي الأحلام.
فاستدل هؤلاء بهذين الدليلين. وهذا كله تقدم.
ثم نقول:
= والقول الثاني: في هذه المسألة - في القسم الثاني -:
أنه إذا حضر الصبي قبل الرجل فإنه يبقى في مكانه وهو أحق به من الرجل.
وإلى هذا مال الشيخ الفقيه ابن مفلح رحمه الله وغيره من المحققين.
واستدلوا: بأدلة:
الأول: أن الصحابي الجليل عمرو بن سلمة - رضي الله عنه - جعله قومه إماماً ولأن يكون في الصف الأول أولى من أن يكون إماماً.
الثاني: استدلوا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا يقيم الرجل الرجل من مكانه ليجلس).
والثالث: أن في إبعاد الصبي تنفيراً له عن الصلاة.
وهذا القول هو الصواب بشرط أن لا يغلب على الصف الأول الصبيان - بأن لا يكونوا أغلبية.
فإن كان في الصف الأول صبي أو اثنان أو أكثر فإنه لا يجوز لأحد أن يقوم بتأخيرهم عن مكانهم في الصف الأول إلى الصف الثاني.