وعلم من كلام المؤلف أنه لا يستحب أن يجذبه جذباً وإنما ينبهه فإن رجع وإلا تركه.
وأما الجذب فهو محرم عند الحنابلة. وقيل هو مكروه. وقيل هو مباح.
وهذا العمل أيضاً فيه نظر كالعمل السابق.
ووجه هذا النظر - وجه تضعيف هذا العمل:
أن يجذب أو أن ينبه من يرجع معه: أن في هذا اعتداء على موقف المأموم.
والأمر الثاني: القاعدة المشهورة المتقررة: أنه لا يستحب للإنسان أن يتبرع بالقرب فإذا كانت المسألة منافسة على قرب وطاعة لله فإنه لا يندب للإنسان أن يتنازل أو يتبرع لغيره.
فهذه القاعدة الشرعية تتناقض مع أن نقرر أنه يندب للإنسان أو عليه أن ينبه من يرجع إلى الخلف.
إذاً إذا كان تخطي الرقاب إلى الإمام لا يشرع وأيضاً تنبيه بعض المأمومين ليرجع لا يشرع فالحل هو ما تقدم معنا وهو أن يصلي منفرداً وتصح صلاته حينئذ للعذر وتقدم معنا تقرير هذا القول وأن صلاة المنفرد خلف الصف إذا كان لعذر والعذر هو أن لا يوجد مكاناً مطلقاً في الصف أن صلاته والحالة هذه صحيحة لوجود العذر ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم).
• ثم قال رحمه الله:
فإن صلى فذاً ركعة: لم تصح.
ذكر الشارح أن في هذا تكرار لأنه تقدم معنا أن من صلى فذَّاً ركعة فإن صلاته لا تصح عند قول المؤلف رحمه الله: ولا الفذ خلف الصف.
وفيما أرى أن هذا ليس بتكرار وإنما ذكره المؤلف رحمه الله ليبين الحد الذي تبطل فيه الصلاة ويؤخذ من قوله: ركعة.
أي: أن من صلى منفرداً خلف الصف فإن صلاته تبطل بشرط: أن لا يجد فرجة ولا يأتي أحد ليصف معه قبل ن تفوته الركعة.
إذاً إذا ركع الإمام ورفع قبل أن يجد فرجة في الصف وقبل أن يأتي أحد آخر ليصف معه فحينئذ بطلت الصلاة.
فإن جاء أحد قبل ذلك فصلاته صحيحة معنى قول المؤلف: فإن صلى فذاً ركعة.
أي إن أدرك الركعة مع غيره صحت صلاته وإن أدرك الركعة منفرداً بطلت صلاته فلعل المؤلف رحمه الله أراد أن يبين هذا القيد وهذا الشرط لبطلان الصلاة.
إذاًَ ليست المسألة كما يفهم بعض الناس أنه بمجرد التكبير وبقائه وقتاً معيناً منفرداً خلف الصف أنه بهذا المقدار تبطل الصلاة وإنما لا تبطل الصلاة حتى تفوته الركعة.