الشيء الآخر: أن الريح الباردة ولو هبت بهدوء فإنها مؤذية ولو لم تكن شديدة. نعم الشديدة أكثر أذىً ويتضرر بها الإنسان تضرراً شديداً لكن كذلك الريح الباردة ولو هبت بهدوؤ فإنها تسبب ضرراً واضحاً وتأذياً للإنسان.
فإذا: لا يشترط أن تكون شديدة وإنما فقط أن تكون باردة.
نأتي إلى الشرط الثالث وهو: في ليلة مظلمة.
يشترط أن تكون ليلة ويشترط في هذه الليلة أن تكون مظلمة.
استدلوا على هذا الشرط:
- بقول ابن عمر - رضي الله عنه -: في الليلة الباردة. فنص على أن الريح تكون عذراً في الليل فقط.
واستدلوا على ذلك أيضاً:
- بأن الريح إذا كانت في النهار فإنها لا تؤذي كما إذا كانت في الليل.
= والقول الثاني: أنه لا يشترط أن تكون في الليل بل يجوز أن يترك صلاة الجماعة ولو كانت في النهار.
- لأن الريح الباردة ولو هبت في النهار فإنها مؤذية وتضر بدن الإنسان والشارع الحكيم يقول: (لاضرر ولا ضرار). وقد عذر بالطين وعذر بالمطر اليسير فما بالك بالريح الباردة ولو كانت في النهار.
فالأقرب إن شاء الله أن الليل لا يشترط وأنه لو هبت في النهار فإنه عذر لترك صلاة الجماعة.
مسألة / لم يذكر المؤلف - رحمه الله - البرد. يعني: لو أنه أصبح الجو بارداً من غير ريح فما الحكم؟
الأقرب والله أعلم أنه إذا كان الجو بارداً فإنه يجوز للإنسان أن يتخلف عن صلاة الجماعة بشرط أن تكون هذه البرودة خارجة عن البرودة المعتادة وإلا فإنه من المعلوم أن الشتاء كله يكون الجو فيه بارد.
فهل يقول قائل بأنه من حين أن يدخل الشتاء إلى أن يخرج يجوز للإنسان أن يترك صلاة الجماعة؟ هذا لا يقول به قائل.
لكن نحن نقول إذا كان البرد خارج عن العادة. وهذا يقع وربما تذكر أنه في شتاءنا هذا يمر اليوم أو اليومان يكون البرد فيهما خارج عن العادة ومؤذي وهو أشد إيذاء من الطين بلا إشكال.
ثم ابن عمر - رضي الله عنه - يقول: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في الليلة الباردة. هل ذكر الريح؟ لا لم يذكر الريح. إنما قال: في الليلة الباردة.
إذاً وجود البرد بحد ذاته الذي يعتبر غير معتاد هو في الحقيقة عذر.