ثم بين الموؤلف السنة في السور التي تقرأ في صلاة الجمعة:
•
فقال رحمه الله:
في الأُولى: ((بِالْجُمْعَةِ))، وفي الثانية: ((بِالْمُنَافِقِيْنَ)).
ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بالجمعة وبالمنافين.
وهذه سنة ثابتة.
والقراءة في صلاة الجمعة جاءت على ثلاثة أوجه:
- الوجه الأول: أن يقرأ بالحمعة وبالمنافقين.
الوجه الثاني: أن يقرأ بالجمعة والغاشية. وهذا أيضاً ثابت في صحيح مسلم من حديث النعمان رضي الله عنه وقل من يأتي بهذه السنة كأنها من السنن المتروكة.
- الوجه الثالث: وهي السنة المشهور الأخرى: أن يقرأ بسبح والغاشية وهذا أيضاً ثابت في صحيح مسلم.
فصارت القراءة على ثلاثة أوجه. يناوب الإنسان بينها تارة يقرأ الجمعة والمنافقية وتارة الجمعة والغاشية وتارة سبح والغاشية. لأن هذا ثابت في السنة الصحيحة وذكره مسلم في صحيحه.
• ثم قال رحمه الله:
وتحرم إقامتها: في أكثر من موضع من البلد.
تحرم إقامة الجمعة في أكثر من موضع من البلد.
=وهذا مذهب الجمهور. بل حكي إجماعاً إلا عن عطاء فقط فلم يخالف إلا هو وروي أن الإمام أحمد أيضاً يرى جواز تعدد الجمعة مطلقاً. لكن القاضي من أصحاب الإمام أحمد حمل هذه الرواية على الجواز عند الحاجة ورأى أنه لا يصح عن الإمام أحمد القول بالجواز مطلقاً.
وما ذكره القاضي صحيح إذ أستبعد أن يكون الإمام أحمد يرى جواز تعدد الجمعة بلا حاجة مطلقاً.
إذاً: ذهب الجماهير بل حكي إجماعاً أنه لا يجوز أن تتعدد الجمعة بلا حاجة وإنما نقل الخلاف عن اثنين: عطاء. والإمام أحمد وذكرت أنه لا يثبت هذا عن الإمام أحمد إذ هو موؤل ومحمول على الحاجة.
والدليل على هذا الحكم:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقيم الجمعة في مسجده فقط ولم تتعدد في عهده ولا في عهد الخلفاء إقامة الجمعة.
ولو كانت الجمعة يجوز أن تتعدد لأقيمت في عهده لألا تتعطل المساجد.
أريد أن أنبه هنا: إلى أن ابن حزم وتابعه الشوكاني يرون الجواز فمن من الممكن أن يضافا إلى عطاء والإمام أحمد في الرواية عنه. لكن نحن نقول أن هذا إجماع محفوظ قبل ابن حزم فضلاً عن الشوكاني.